إن ما حدث في عملية طوفان الأقصى، باعتبارها العملية الأكثر استثنائية ومباغتة في تاريخ المعارك الإنسانية
وقال اللواء حسين سلامي، القائد العام لحرس الثورة الاسلامية ، مساء اليوم (السبت) امام المشاركين في المسيرة المناهضة للصهيونية التي أقيمت في ساحة الثورة بطهران: اليوم، إيران الإسلامية كلها مفعمة بالحب والمودة والمشاعر العميقة والغيرة الدينية والحمية الالهية لدعم أطفال أنبل شعوب أهل الأرض، في فلسطين العزيزة .
عملية طوفان الأقصى
وفي إشارة إلى عملية طوفان الأقصى، اضاف القائد العام لحرس الثورة الاسلامية إن ما حدث في عملية طوفان الأقصى، باعتبارها العملية الأكثر استثنائية ومباغتة في تاريخ المعارك الإنسانية، كان انعكاسا لمئة عام من جرائم وفظائع الحكومات البريطانية والفرنسية والأمريكية والولايات المتحدة والكيان الصهيوني بحق شعب طرد من أرضه منذ 75 عاماً، انهم شردوهم وسلبوا منهم الشموخ والاستقرار والتقدم .
وأضاف: بعد الحرب العالمية الأولى، عندما انتقلت الوصاية على منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشامات إلى إنجلترا وفرنسا، مهدت الحكومة البريطانية الطريق لنقل الصهاينة من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين بوعد بلفور الذي أصدره وزير الخارجية آنذاك، وسمح بتشكيل جيش الهاغاناه السري الإسرائيلي في فلسطين وفرقه السرية لارتكاب المجازر بحق العائلات الفلسطينية .
وذكر اللواء سلامي أنه بين عامي 1920 و1948، برزت الهيمنة العسكرية للصهاينة تدريجياً على الفلسطينيين، وقال: إن الحكومة البريطانية اغتصبت الأرض الفلسطينية من الشعب الفلسطيني وأعطتها للصهاينة. كما حصل في مذبحة المسلمين في دير ياسين عام 1948، واستشهد فيها أكثر من 100 مسلم فلسطيني.
وتابع انه في عام 1956 حدثت مذبحة كفر قاسم وبينما كان القرويون عائدين إلى منازلهم من العمل، تعرضوا للذبح. وتم جلب الشباب الفلسطيني إلى ساحات القرى والمدن، وجرى إطلاق النار عليهم واستشهدوا أمام أنظار الشعب الفلسطيني.
مجزرة صبرا وشاتيلا
كما لفت الى مجزرة صبرا وشاتيلا، قال قائد حرس الثورة الاسلامية : استمرت هذه القصة حتى عام 1982 عندما قام أرييل شارون جزار صبرا وشاتيلا في ظل عدوان الكيان الصهيوني على لبنان بارتكاب مجزرة على مشارف بيروت استمرت يومين طالت الفلسطينيين داخل مخيمي صبرا وشاتيلا حيث اراق دماء نحو 4000 فلسطيني في هذين المخيمين خلال يومين.
وأضاف: بعد هذه الجريمة تم تشريد الفلسطينيين إلى تونس والأردن ولبنان وسوريا وأصبحوا أمة بلا أرض وماء وتراب وحق السيادة، وكل هذا جرى على يد أسياد الجريمة العالمية الذين يلعبون بمقدرات العالم الإسلامي منذ عقود، وتتاثر المنطقة بسياساتهم الاستعمارية الغاصبة والظالمة ، واستولت على الثروات الروحية والهوية الدينية وكل الثروات المادية للعالم الإسلامي لكي تصبح قوة عالمية.
وقال اللواء سلامي: إن المقاومة البطولية التي قامت منذ عام 1935 عندما استشهد عز الدين القسام في حيفا وحتى اليوم بات الاستشهاد جزء لا يتجزأ من حياة المسلمين الفلسطينيين، وان المقاومة مستمرة في هذه الأرض المباركة التي أنعم الله عليها ببركة المسجد الأقصى و محيطها.
وتابع: ووقعت معارك ضارية بين المسلمين والأعداء. لكن بعد الثورة الإسلامية انتعشت الحركة الفلسطينية، فالفلسطينيون الذين كانوا يقاتلون الصهاينة بالحجارة والمقلاع حتى ذلك الحين، تسلحوا تدريجياً، حتى عندما كانوا محاصرين بالكامل من قبل جهاز المخابرات الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأشار القائد العام لحرس الثورة إلى المعارك المختلفة بين فلسطين ومحور المقاومة ضد الصهاينة، وأكد ان معارك كثيرة مثل حرب تموز بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني عام 2006 والفلسطينيين في عام 2008، وحرب الـ 22 يومًا ثم حروب الأيام الثمانية، والـ51 يوما و11 يوما، واخيرا عملية طوفان الأقصى، التي حطمت كل أمال ورغبات ومشاعر واقتدار الصهاينة.
وأضاف: لقد أبطلت هذه العملية سحر الصهاينة ، وهزمت قدرة الترهيب والخوف التي خلقوها للمسلمين والفلسطينيين.
وقال اللواء سلامي: إن طوفان الأقصى أظهر أن المساعدات الخارجية والحكومات الأجنبية مثل الولايات المتحدة لا تستطيع إنقاذ إسرائيل من خطر الانهيار، لأنه قبل ان يصل الأمريكيين، يمكن للمسلمين والفلسطينيين أن ينهوا هذا الكيان .
وتابع: لا الثقة بالجيش الصهيوني، الذي يعتبر نفسه جيشا لايقهر ، قادرة على منع تنفيذ العمليات الثقيلة المدمرة للاطاحة بالكيان الصهيوني، ولا ذلك الجهاز الاستخباراتي الرهيب والمعقد الذي اعتمد عليه الصهاينة ليناموا بسلام ليلاً.. ولا الأمن الداخلي لهذا الكيان.
وإشار سلامي إلى عملية طوفان الأقصى، وقال أن طوفان الأقصى أظهر أن المسافة الجغرافية بين انهيار الكيان والأوضاع الطبيعية هي 80 كيلومترا فقط، والفاصل الزمني من بدء عملية كبرى مثل البيت المقدس في الدفاع المقدس هي 48 ساعة فقط . فهي لا تبعد سوى 120 كيلومتراً من الشمال، و80 كيلومتراً من الجنوب، وأقل من 60 كيلومتراً من الشرق، وبالتالي فإن طوفان اخر ستكسر هذا الكيان وتجله ينهار.
القيم الأميركية أظهرت مدى اشمئزاز واقعها
وأضاف: ما حدث بعد ذلك مهم. لقد شهد الغرب وأمريكا وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وفرنسا بشكل خاص ومعهم بعض الحكومات المنافقة فشلاً أخلاقياً فادحاً في العالم. فالقيم الأمريكية الحقيقية مرادفة للجريمة، وقتل الأبرياء، ومحاصرة أراضي المسلمين، وعدم السماح بوصول الغذاء والماء والوقود إلى الناس العزل.
وقال اللواء سلامي: إن القيم الأميركية أظهرت مدى اشمئزاز واقعها في نظر العالم ولقد أظهرت أمريكا وجهها الحقيقي مفضوحه، وكذلك واجهة إنجلترا نفس المصير، ولكن عليهم أن يعلموا أن أياً من هذه التصرفات لا يشكل عائقاً أمام إنقاذ الصهاينة من خطر الانهيار المبكر. وحتى السنوات الخمس والعشرين التي تنبأ بها قائد الثورة الاسلامية تبدو وكأنها تقترب أكثر وأكثر إلحاحا وأيسر منالا.
ولفت القائد العام لحرس الثورة الاسلامية ، إلى الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني، وأكد: ان سماح أمريكا بقصف سكان غزة ومنع وقف إطلاق النار وإعطاء الضوء الأخضر للصهاينة والدعم العسكري والسياسي والنفسي الامريكي لاسرائيل يعادل السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة في العالم واليوم العالم متحد ضد أمريكا، وانتشرت كراهية أمريكا في اوساط الرأي العام العالمي.
وتابع ان أمريكا اليوم معزولة عن العالم أكثر من أي وقت مضى، وهذه هزيمة سياسية لأمريكا وللتحالف الذي تقوده امريكا لدعم الكيان الصهيوني .
وقال اللواء سلامي: إن وزير الخارجية الأمريكي قال لبعض المسؤولين في دول المنطقة قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع؛ “عندما وصلنا إلى تل أبيب بعد طوفان الأقصى، كان الكيان الصهيوني قد انهار بالفعل. وكأن غبار الموت قد ضرب وجوه المسؤولين الصهاينة وقادة جيش هذا الكيان وانهار كل شيء.
وأضاف: الأميركيون جاءوا من كل مكان، بما في ذلك القيادة الأمريكية الوسطى (سنتكوم) ، التي استقرت أولاً في مصر بسبب الخوف، ثم جاءت إلى الأراضي المحتلة لتتولى الإدارة والتوجيه العسكري للحرب ضد أطفال غزة العزل. والرضع في هذه المنطقة وهذا يدل على أن انهيار الكيان الصهيوني ليس امرا صعبا .
وقال القائد العام لحرس الثورة الاسلامية : ان الكيان الصهيوني اليوم الذي يعيش في غيبوبة سياسية ويرقد في قسم العناية المركزة السياسية الخاصة الأمريكية، لم يعد قادرا على رؤية السلام والراحة والازدهار والأمن ، فالقلق هو جزء لا يتجزأ من حياة الصهاينة من الآن فصاعدا، وهي ظاهرة لن تختفي من هذه الأرض أبدا، سواء على مستوى السلطات الصهيونية أو على مستوى مستوطنيها .
وتابع: ان أمريكا وإسرائيل اليوم تفسران انتصارهما في غزة على أنه انتصار على الأطفال الرضع وقتلهم، مما يعني أن أكبر إمبراطورية سياسية – عسكرية في تاريخ البشرية تفتخر اليوم بقتل الأطفال والرضع ويعتبرون ذلك انتصارا. وهذا أكبر إذلال لأمريكا وإسرائيل.
اليوم الكيان يحتمي بالجدران ويريد القتال من خلف الجدران
وقال اللواء سلامي مخاطباً الصهاينة: إذا كانوا شجعاناً ورجالاً فعليهم أن يدخلوا الميدان ويقاتلوا المقاتلين الفلسطينيين وجها لوجه لا ان يحولوا غرفة العناية الخاصة في المستشفى إلى ساحة معركة والاعتداء على الأطفال والنساء والشيوخ ، وليعلموا أن المسلمين سينتقمون، وان انتقام المسلمين من الظالمين لاينتهي بتقادم الزمان لأن هذه قصة طويلة.
وأضاف: اليوم الكيان يحتمي بالجدران ويريد القتال من خلف الجدران، وهذا فشل سياسي وحتى الاقتصاد الأمريكي سوف يتراجع في ظل هذه الظاهرة لأن المسلمين وغير المسلمين سيقاطعون البضائع الأمريكية وهذا ضربة كبيرة لصورة أمريكا.
وذكر القائد العام لحرس الثورة أن الصهاينة كانوا في البداية مبهوتين ويتخبطون ، ووصل الأمريكيون لرفع معنوياتهم وبعد أسبوعين بدأوا المعركة البرية وظنوا أنه مع تحرك أكثر من 1600 دبابة والقصف الجوي المستمر، يمكنهم كسر مقاومة الشعب الفلسطيني وقال : طالما كانوا خلف الأسوار لم يتمكن المجاهدون من الوصول إليهم وكانت الدبابات آمنة، لكنهم اقدموا على خطوة انتحارية وقاموا بشيء يعد فرصة للمجاهدين .
وتابع: عندما خرجوا من خلف حصونهم، حصل أبناء فلسطين على فرصة القتال، واستغرق المجاهدون أيامًا قليلة حتى يتأقلموا مع الظروف الجديدة ويتعرفوا على ظروف المعركة جيدًا. لكن الشباب الفلسطيني تعلم قواعد المعركة جيداً، فيأتون إلى الدبابات الإسرائيلية من مسافة الصفر ويستهدفونها، حتى اليوم تم تدمير 280 آلية للنظام على يد المجاهدين، وأصبحت الحرب استنزافا حقيقياً.
إن الحرب دائما لصالح من يدافع عن نفسه
وشدد اللواء سلامي على أن “الشباب الفلسطيني بدأ فعلاً حرباً غير مرئية، وقد أثبتت التجربة أنه في هذا النوع من الحروب، الفائز دائماً هو من لا يمكن رؤيته”. لقد بدأت حرب الأشباح، وتستمر القصة، وغزة في طريق النصر. إن امتيازات غزة والجهاد وحماس ضخمة فالأرض تعود لهم ، لقد ضربوا الميركافا التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات بصواريخ قيمتها لاتتجاوز عدة الاف من الدولارات، والحرب غير المرئية هي لصالح فلسطين.
وأضاف: “إن الحرب دائما لصالح من يدافع عن نفسه، والحرب دائما لصالح المؤمنين، وان نصر الله ينزل عليهم”. أسرار طوفان الأقصى المذهلة لا تزال مجهولة ولا أحد يعرفها، لذا انتبهوا إلى أن فلسطين تسير على طريق حرب الاستنزاف وستنتصر تدريجيا.
وفي الختام صرح القائد العام لحرس الثورة الاسلامية أنه لا يمكن تدمير حماس والجهاد، ولا يمكن تدمير فلسطين ولا شبابها المجاهدين، ولا يوجد لدى إسرائيل عنصر النصر في معركة غزة المستمرة، وكل شيء جاهز من أجل الفتح المبين لفلسطين.
وأضاف أيضًا: إن العالم الإسلامي يقوم بكل ما يجب عليه القيام به، ولا تزال هناك طاقات هائلة لم يتم استغلالها ، ونتمنى النصر للشعب الفلسطيني. وهم بالطبع هم شعب صامد .