الشهید مصطفى شمران قائد ومجاهد وصانع الانتصارات و الثائر العالمي في مسيرة الخلاص
یصادف يوم 21 حزيران ذكرى استشهاد الدكتور مصطفى شمران أول وزير دفاع إيراني بعد انتصار الثورة الإسلامية، وقائد الحرس الثوري الايراني وعضو في البرلمان الإيراني عن منطقة طهران الذي اطلق عليه مفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني (رض) لقب “حمزة العصر“.
وكان الشهيد مصطفى شمران قد ولد عام 1932 في طهران. وامضى دراسته المتوسطة في مدارس طهران وقبل في كلية التقنية الهندسية بجامعة طهران، وتخرج من فرع هندسة الالكتروميكانيك عام 1957.
في أواخر الخمسينيات، انتقل إلى الولايات المتحدة للتعليم العالي، في جامعة تكساس ثم ذهب للحصول على شهادة الدكتوراه في الفيزياء والهندسة الكهربائية والبلازما في عام 1963 الي جامعة بيركلي بكاليفورنيا.
وخلال ثلاث سنوات حصل على درجة الدكتوراة في الإلكترونيات والفيزياء الحيوية (هندسة الطاقة النووية) بامتياز من جامعة بيركلي. ثم تعاقد للعمل في مختبرات بيل و مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في سنة 1960. وكان يجيد اللغة الفارسية، الإنجليزية، العربية، الفرنسية، والألمانية.
واسس هذا الطالب المناضل للمرة الاولى في امريكا بالتعاون مع بعض اصدقائه “الجمعية الاسلامية للطلبة في امريكا”.
كما يعتبر من مؤسسي جمعية الطلبة الايرانيين في ولاية كاليفورنيا الامريكية ولهذا السبب قطعت منحته الدراسية من جانب حكومة البهلوي.
وبعد نهضة “15 خرداد” عام 1963 توجه شمران الى مصر وتدرب هناك على اصعب دورات حرب العصابات لمدة سنتين. واعتبر افضل متدرب في هذه الدورة التي تولى بعدها تدريب المناضلين الايرانيين.
بما أنّ الظّروف لم تكن مساعدة لكي يتوجّه إلى إيران من أجل تنفيذ الأنشطة العسكريّة، اتّجه إلى لبنان من أجل مكافحة إسرائيل وتحرير القدس الشّريف، وانهمك مع الإمام موسى الصّدر جنوبي هذه البلاد وعلى الحدود مع إسرائيل في تربية القوى البشريّة في إحدى دور الأيتام.
كانت حصيلة سبع سنين من إقامته في لبنان تأسيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» ومنظّمة تحمل اسم «أفواج المقاومة اللبنانيّة» (أمل)، منظّمة يتمحور عملها حول التدريبات العسكريّة والدفاعيّة. وبسبب أنشطة مصطفى شمران وانشغالاته الكثيرة، انفصلت عنه زوجته الأولى. في لبنان، تعرّف شمران إلى سيّدة تُدعى غادة جابر، ونجم عن هذه المعرفة في ما بعد زواجهما.
«أذكر أنّني رافقته في إحدى رحلاته إلى القرى. قدّم إليّ في السيّارة هديّة. كانت هديّته الأولى ولم نكن قد تزوّجنا بعد. فرحتُ كثيراً وفتحتها فوراً. كان حجاباً، حجاباً أحمر اللون بورود كبيرة. صُدمت لكنّه تبسّم. ومنذ تلك اللحظة ارتديتُ الحجاب وبقيتُ أرتديه»، هذه القصة التي نقلتها غادة حول واحدة من الرحلات قبل زواجهما.
بعد انتصار الثورة الإسلاميّة عام 1979، عاد مصطفى إلى حضن الوطن عقب 23 عاماً من هجرته. عاد لكي يقدّم تجاربه التي استمرّت أعواماً ويضعها في خدمة الإسلام وإيران، لكن بعد مدّة جعله اختطاف الإمام السيّد موسى الصّدر يفكّر في العودة مجدّداً إلى لبنان لكي يعمل على تحسين أوضاعه المضطربة. حمل حقيبته الصّغيرة وتشرّف بلقاء الإمام الخمينيّ (قدّه) لكي يحصل على تكليفه منه. كان جواب الإمام جملة واحدة: «لا، فلتبقَ في إيران، فإذا صَلُحَت إيران، فسيصلح لبنان وسائر الأماكن كافة»، فبقيَ في إيران.
ليلة الثامن عشر من تمّوز/يوليو 1979 كانت ليلة قاسية في مدينة باوه، فجماعات الكومله والقوى المعادية للثورة الإسلاميّة كانت قد حاصرت المدينة وارتكبت مجزرة جماعيّة بحقّ غالبيّة أعضاء «حرس الثورة الإسلاميّة»، وكانت المدينة بأكملها ومرتفعاتها ومنحدراتها قد وقعت بأيدي العدوّ. كان نبض كردستان في تلك الليلة بيَد باوه، ولو سقطت المدينة، لكانت كردستان أيضاً ستسقط.
اتّصل شمران عبر اللاسلكي بالشرطة في باوه وأعدّ في وزارة الدّفاع رسالة لكي ينقل إلى الإمام الخمينيّ الأوضاع الصّعبة والظروف المعقّدة ويحصل على رأي سماحته، فوجّه الإمام أيضاً بصفته القائد العامّ للقوات المسلّحة الأمر إلى القوّات المسلّحة كافّة بأن تتّجه دون الحاجة إلى كسب الإذن من قادتهم إلى باوه، وجعل القيادة بعُهدة مصطفى أيضاً. حتّى الصباح تمّ إنقاذ المدينة من السّقوط المحتّم بلطف من الله ودراية عسكريّة فريدة من نوعها من الشّهيد شمران. عقب نجاحه، عُيّن في منصب وزير الدفاع، وبعد ذلك جرى اختياره نائباً عن مدينة طهران في مجلس الشورى الإسلاميّ.
بعدما شنّ صدّام هجومه على المدن الجنوبيّة لإيران، اتّجه إلى هناك لكي ينظّم القوّات ويقودها هناك من كثب، وأسّس في مدينة الأهواز مقرّ قوّات حرب العصابات.
وبعكس ما جرت عليه العادة مع قادة الحرب، كان يتقدّم جنوده دائماً، ولم يكن الأمر أبداً على هذا النّحو: أن يكون بعيداً ويجلس في غرف القيادة ليتابع الأخبار ويوجّه أوامره. حتّى عندما جُرح مرّة في إحدى العمليّات في قدمه، لم يوافق على أن يجري نقله إلى طهران من أجل العلاج، وبعد بضعة أيّام من الاستراحة عاد إلى الميدان متّكئاً على عصا. أخيراً في سنّ الثامنة والأربعين، جُرح أثناء جولة له في منطقة دهلاويه، وهي قرية في شمال غرب سوسنجرد الواقعة في محافظة خوزستان، العسكريّة جرّاء الإصابة بشظيّة لإحدى القذائف، وأثناء نقله من أجل العلاج نال فيض الشهادة.
يتحدّث الإمام الخامنئي عن شخصيّة الدكتور مصطفى شمران فيصفه بالأنموذج المتكامل: «الشهيد شمران قدوة. لقد كان الشهيد شمران عالماً بالمعنى الحقيقيّ للكلمة. كان متعلّماً ومُحصّلاً للعلم لكنّه كان أيضاً مناضلاً حقيقيّاً ومجاهداً حقيقيّاً أيضاً. لم تكن تعنيه الدنيا والمناصب ولم يكترث للقوت والاسم ولم يعتنِ باسم من سيُسجّل الإنجاز. لم يكن ذلك مهماً بالنسبة إليه. لقد كان منصفاً صريحاً شجاعاً مكابداً. وفي عين لطافته ورقّته ودقّة مزاجه الشاعريّ والعرفانيّ، كان في الحرب جنديّاً دؤوباً».
وهذه هي رسالة الشهيد مصطفى شمران الى ابناء حركة امل:
بسم الله الرحمن الرحيم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) صدق الله العلي العظيم
الى اخوتي واخواتي في امل
في عرس كوكبة من شهدائنا اي قيمة للكلمة امام نبض الشهادة.. ماذا عسانا ان نقول لكم،ونحن نفقد اليوم بعد الاخر خيرة الشباب الذين يختارون طريق الشهادة في سبيل الرسالة. نحب ان نعزيكم ونهنئكم في نفس الوقت وانتم يا ابناء امل،يا ابناء الجنوب قد اخترتم الطريق بارادتكم.. الطريق الصعب الشاق الطويل.. يوم كنتم وراء القائد الامام السيد موسى الصدر في اصعب المواقف وسرتم في طريق الله لترفعوا راية الاسلام في وقت كان الظلم والكفر والالحاد قد طغى على النفوس والقلوب.. نعرف ان الطريق ما زالت طويلة وشاقة والشهادة تنتظر من يستحقها.. الالام كثيرة يتحملها اهلنا في الجنوب وبيروت وبعلبك وكل لبنان.. واملنا كبير بشباب أمل المؤمنين الذين يواجهون اليوم اصعب المؤامرات ..
اخوتي واخواتي ..
التاريخ ألحق بكم الكثير من الظلم فحملتم ظلم الصديق والأخ مثلما تحملتم ظلم العدو.. تعرضتم للتصفية والتنكيل،للقتل والتهجير،واليوم نخاف عليكم بقدر ما نفتخر بكم.. نخاف على ابن أمل الذي اصبح اليوم وبيده القدرة والقوة.. ان يتحول الى الغرور والتكبر وحب الظهور ويحاول الانتقام من الابرياء من ابناء شعبنا الصامد..
يجب ان تستمروا في حركتكم نحو التكامل وانتم تعرفون ان تعاليمنا الاسلامية تتطلب منا ان نتقيد بمبادئ الاسلام لانكم في عقيدتكم التي تحملون عقيدة الاسلام تختلفون عن باقي الاحزاب الموجودة على الساحة اللبنانية.. ان الشعب الذي يؤيدكم ويتعاطف معكم ويضحي معكم..
المحافظة عليه امانة في عنقكم.. وهؤلاء الشهداء الذين سقطوا وهم يدافعون عن الحق المنهوك في بغداد.. هؤلاء الذين اختصروا الحدود الجغرافية والاقليمية بعقيدتهم الاسلامية استشهدوا لاجل الحق دماؤهم الطاهرة النقية.. تستصرخكم على ان تحافظوا على قدسية تعاليم الرسالة الاسلامية …
املنا بكم كبير وهذا لا يعني اننا نشكك بكم ابداً ولكن (ان الانسان ليطغى ان راه استغنى) وتجارب التاريخ في هذا الصدد كثيرة..
أمل .. شباب أمل وفتيات أمل ..
أمل للأمة الاسلامية.. حركتكم حركة التكامل التاريخية.. الآن أصعب الاوقات انه الامتحان الكبير لكم.. اليوم جهادكم الكبير يجب ان يبدا مع انفسكم ضد الانانية والحقد والمصالح الشخصية والغرور و..و.. وهذا الامتحان اليوم وانتم في القوة .. اتمنى ان تنجحوا باذن الله به.. في الجهاد الاكبر ..
ونحن ما زلنا معكم على نفس الطريق نجاهد الجهاد الاكبر والاصغر.. وقسماً.. قسماً يا اخوتي.. يا ابناء الجنوب ايها المحرومون في لبنان.. قسماً..
بدماء الشهداء التي سقطت في بيروت،في بيت ليف،في زفتا.
قسماً بدماء الشهيد اية الله السيد محمد باقر الصدر وشقيقته ابنة الهدى ..
قسماً بالام صرخة النساء المعذبات الثكالى في الجنوب .
قسماً بالحب، بالحرية، بالعدالة، بالالم، بالوحدة ..
قسماً بالشجاعة، بالتضحية، بالشهادة، بالتواضع ..
قسماً بمياه دجلة والفرات والليطاني والاردن والنيل ..
قسماً بارض كربلاء وجبل عامل المقدسة ..
قسماً بنار الرصاص بجوع الاطفال، قسماً بوجع وصراخ الارامل ..
قسماً بوجع الايتام وصراخ الارامل والشيوخ لحظة القصف …
قسماً بقائد المستضعفين والمحرومين الامام موسى الصدر ..
قسماً بدموع الايتام، بانين الارامل، بصرخة المجاهدين ..
قسماً بالدماء، بالشرف .. بالله
حتى اّخر نقطة من الدم سنبقى معا يا اخوتي نجاهد ضد كل ظلم وكفر وطاغوت.. في اي مكان من العالم حتى ترتفع راية الاسلام .. راية الله اكبر .. والمجد والخلود لاخوتنا الشهداء والله سبحانه وتعالى يمنحكم وعائلة الشهداء الصبر او الشهادة.. ويعيد اليكم امامكم وقائدكم السيد موسى الصدر سالماً حتى نتابع واياه طريق الجهاد والله معنا جميعا بإذن الله..