القدس تنتفض وَإِنٌ عُدتُم عُدنَا

أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ

يتحلّى تعظيم يوم القدس العالميّ بأهميّة كبرى، وكلّما اتّسعت رقعة الاحتفاء به على المستوى العالميّ، كلّما كانت نتائجه وآثاره أجلى وأكثر.


إنّ المسيرة المليونيّة التي یخرج بها جموع الشعب المؤمن الصائم، في آخر جمعة من شهر رمضام المبارك؛ تمثّل في واقع الأمر تجلّياً لتحرّك الأمّة الإسلاميّة وغيرها من مدافعي الحريّة في شتّى أنحاء العالم بقصد حماية الشعب الفلسطيني المظلوم على نحو شامل والدفاع عنه على جميع الأصعدة.

فقد تحصّل هذه القيام العظيم نتيجة لما يفيض به الوجدان الطاهر البشريّ من رفض وتنديد بالجنايات البشعة التي يرتكبها الكيان الغاشم مستعمر القدس الشريف، وتشهير بجميع حماة هذا الكيان الذي لم يأل جهداً في قتل الأبرياء والأطفال. ولهذا نجد أنّ فاعليّة مسيرة يوم القدس العالمي المنقطعة النظير بدأت تتجلّى أكثر فأكثر في الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم وغيره من الشعوب المظلومة في شتّى أرجاء المعمورة.

القدس

نبذة تاريخيّة عن تسمية يوم القدس العالميّ عن سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

من البديهي أن يكون يتوجّب في الوهلة الأولى من الحديث عن يوم القدس العالمي، تحليل ودراسة تاريخ تسمية هذا اليوم، وقد قال سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في بيان الماهيّة التاريخيّة لتسمية يوم القدس العالميّ: يعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران ارتفع بحمد الله تعالى شعار الإسلام على مستوى الشرق الأوسط بل على المستوى العالمي فوصل إلى أوجه، وأطلق مفجّر الثورة الإسلاميّة؛ الإمام الراحل آية الله العظمى الخميني اسم (يوم القدس) على آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، فكان من الواجب أن نحفظ هذه الفرصة التي لا مثيل لها من حيث كونها شعاراً لتشجيع المسلمين وتجييش أفكارهم ليثبت للعدو المستعمر أنّنا ما زلنا نذكر القدس وأنّه لم ولن تمحوه عن وجدان المسلمين يد النسيان، بل وأنّنا لا محالة سنقدم على استرجاع ميراثنا المغصوب في أيّ وقت نشعر فيه بتوافرنا على القدرات اللازمة لذلك، وفي الوقت الراهن نشاهد نحن والعدو المستعمر أنّ طليعة هذه القدرة وفجرها الصادق قد لاح في الأفق، ونحن الآن ننتظر تعجيل طلوع النور وغلبتها على ظلمة ليالي الظلم ليطلع الصبح الصادق مشرقاً

فلو أنّ أحدنا من بعد هذه الاعتداءات التي نالت حرمات دي الإسلام‏ ما يتعرّض له المسلمون من انتهاكات وظلم قد مات كمداً وأسفاً لما كان ملاماً؛ فقد قال أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام في خطبة الجهاد :

فما أجمل وأبلغ ما بيّن به وليّ المؤمنين ما حلّ بالمسلمين؛ فكأنّه يخاطبنا نحن في خطبته هذه. فلقد فقد بعض المسلمين غيرتهم ونخوتهم ووصلت بهم الذلة والمهانة حتّى أصبحوا مصداقاً من مصاديق مخاطبي الإمام عليه السلام في بعض فقرات تلك الخطبة.

ومن هنا كان استنان مسيرة يوم القدس العالميّ فعلاً مهمّاً ومصيريّاً في التاريخ الإسلاميّ، ووجب أن نتّخذه بمثابة الذكرى الباقية من الإمام الخميني فهو أحدى أفضل ما أسّس له الإمام الراحل.

یوم الفدس

ضرورة إقامة مسيرة يوم القدس العالميّ

لقد تحدّث سماحة آية الله العظمي ناصر مکارم الشیرازي شارحاً ضرورة الحضور الجماهيريّ الواسع لجموع المؤمنين الصائمين في مسيرة يوم القدس العالميّ: إنّ الاهتمام بيوم القدس والمشاركة فيه لأمر في غاية الأهميّة، وكلّما اتّسعت رقعة إقامته على المستوى العالميّ كلّما كانت نتائجه أكثر وأعمق؛ لأجل ذلك يجب أن يصبح يوم القدس العالميّ يوماً يقوم فيه المسلمون وغيرهم من أحرار العالم بالتنديد بالكيان المستعمر الصهيوني وإبداء الاعتراض والتضجّر منه.

كما أنّ سماحته قد انتقد بعض ما يرد في موضوع محاربة الاستكبار من أفكار وآراء انفعاليّة؛ حيث قال: لا تقولوا إنّ هذه المسيرة بسيطة ولا تكاد تعني شيئاً؛ فما الفائدة منها؟! فإنّ أركان الكيان الإسرائيليّ وجميع من يقف وراءها ليتزلزل عندما يهتف المشاركون في المسيرة.


وأدعو الله عزّ وجلّ أن يجعلكم جميعاً؛ رجالاً ونساء، شباباً وأطفالاً من المشاركين في هذه المسيرة، وأن يثبتها لكم في صفحة أعمالكم ويكتبها كعمل عظيم ويؤتيكم بها الخير الوفير حالها كحال الفرائض الإسلاميّة، وأن يجعل مشاركتكم فيها سبباً في رفعة الإسلام والمسلمين وعزّتهم[9].

لذا فإنّ يوم القدس هو يوم انتصار الإسلام والهدف منه هو تحرير فلسطين، فإنّنا بحمد الله نشهد اليوم هذا العزم والإرادة القوية في نفوس الأمم وتحرير فلسطين لم يعد أمراً بعيد المنال

الا ان نصر الله قریب

يوم القدس العالميّ شعار اتّحاد الأمّة الإسلاميّة واتّفاقها

لا شكّ في أن من الواجب اعتبار مسيرة يوم القدس والقضيّة الفلسطينية أهمّ مفاتيح تحقيق اتّحاد الأمة الإسلاميّة وتحقّق وحدتها، ولأجل ذا نجد أنّ هذا الأمر قد كان في كلام وآراء سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي بمثابة أهمّ خصائص مسيرة يوم القدس العالميّ.

فلقد قال سماحته في إحدى خطبه: لو أنّ الدول الإسلاميّة -التي تعيش الآن حالة من التشرذم والتفكّك- عملت فقط على تطبيق هذا الأصل المهم ووضعت أيديها في أيدي بعضها البعض؛ لما تكرّرت القصص المأساويّة التي تحدث في فلسطين ولما أهريقت دماء المسلمين المظلومين على مرأى ومسمع من جميع شعوب العالم[.

إنّ أعظم فوائد يوم القدس هي -بلا أدنى شكّ- تحقيق وحدة المسلمين. فجدير بجميع المسلمين أن يعلموا أن يوم القدس يمثّل عامل وحدتهم، ليشاركوا في مسيرة هذا الميوم وينادوا بأعلى صوتهم؛ الموت لإسرائيل رافعين شعار القدس لنا منادين بأن أعيدوا قبلة المسلمين الأولى.

ولأجل ذا فإنّ من خصائص يوم القدس هو أنّ مسيرة هذا اليوم تمثّل العامل الأهمّ في توحيد الأمّة الإسلاميّة، لا سيّما أنّ جميع المسلمين باختلاف أجناسهم ولغاتهم ينهضون في هذا اليوم هو يؤمنون بوجوب تخليص القدس من دنس المستعمر وتحريرها

بناء على هذا؛ تحتّم على جميع المسلمين -من شتّى المذاهب- أن يشاركوا في هذه المسيرة ليطلقوا نداء مطالبتهم بتحرير القدس، ويجدر بالأمّة الإسلاميّة أن تنتهز هذه الفرصة فيتكاتفوا وينهضوا لنصرة القدس والشعب الفلسطيني حتّى إذا ما قصّرت بعض حكومات الدول الإسلاميّة في ذلك وتخاذلت، وسيتمكّنون بإذن الله تعالى من إزاحة الستر عن وجه الكيان الصهيونيّ القبيح وينفّروا شعوب العالم منه، وأن يفضحوا حقيقة المدافعين عنه وداعميه[15].

الاحتلال الاسرائیلي

محاربة الاستكبار؛ تحقيق إزالة إسرائيل من الوجود تماماً

إنّ الدور الفريد الذي يلعبه يوم القدس العالميّ في تقوية ومؤازرة نهضة محاربة الاستكبار – والتي ستؤدّي في نهاية الأمر إلى محو الكيان الصهيونيّ تماماً من الوجود- لأمر متسالم عليه ولا يمكن إنكاره، ومن هذا المنطلق كان تحقّق انمحاء إسرائيل من على الوجود وزوالها تماماً وتزلزل وجودها على نحو متزايد يوماً بيوم هي بحسب آراء المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي إحدى أهم فاعليّات يوم القدس العالمي ونتائجه.

حيث قال سماحته في ما يتعلّق بهذا الموضوع: لقد زلزلت مسيرة يوم القدس العالميّ دعائم الكيان الصهيونيّ وصدّعت أركانه، حيث إنّ ما يقيمه سائر المسلمون والشعب الإيرانيّ من مسيرات في هذا اليوم يمثّل عاملاً مهمّاً في اهتزاز أسس هذه الغدّة السرطانيّة.

لذا كان الحضور المكثّف لمختلف طبقات المجتمع في مسيرة يوم الجمعة ذي أهميّة قصوى في إزالة إسرائيل ومحوها من الوجود. وقد يتساءل بعض الناس؛ كيف يمكن لانتظام جمع من الناس في مسيرة أن يغير الواقع؟ وهنا يجب التذكير بأنّ مثل هذه المسيرات قد غيّرت الواقع في مصر وتونس وستغيّر الواقع قريباً في البحرين واليمن.

فعلى ما تقدّم ومع ملاحظة الخصائص المذكورة يجب القول بأنّ هذا الحراك النابع من صميم الشعوب قد زلزل كيان الأعداء، ولأجل هذا نرى اليوم إسرائيل تعيش حالة انزواء في الوسط العالميّ، حيث وقع هذا الكيان الغاصب في مواجهة انتقادات المجتمع الدوليّ، وبإذن الله تعالى سيهيّء حضور الجوع الغفيرة في هذه المسيرة مقدّمات إزالة إسرائيل ومحوها من الوجود.

فتضمّن مسيرة يوم القدس العالميّ الكبرى على مثل هذه الحقائق والذي يعني استدامة وتيرة سقوط هذا الكيان السافك دماء الأطفال والأبرياء قد أدّى إلى أن يعتبرها سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي بمثابة إعلان هلاك الكيان الإسرائيلي ومدافعيه، لذا فبحسب رؤية سماحته؛ تعتبر المشاركة في مسيرات يوم القدس العالميّ أقل طرق مجابهة إسرائيل تكلفة ولكنّها في نفس الوقت أوسعها وأعمقها تأثيراً.
كما أنّ سماحته قد ذكر أنّ مسيرة يوم القدس العالميّ من حيث كونها توجب تراجع قوى الاستكبار العالميّ فقال: يجب أن يصبح يوم القدس العالميّ يوماً للتنديد القوى والاعتراض القاطع على نحو شامل وموحّد لتسجيل وقفة في وجه الغاصبين والمستعمرين[21]. فيوم القدس العالميّ ليس منحصراً فقط في الوسط الإسلاميّ؛ بل يوجد أيضاً من بين أهل العالم من يحمل همّ القضيّة الفلسطينيّة ويذعنون بحقيقة كون الكيان الإسرائيليّ ظالماً غاصباً. فللمشاركة في هذه المسيرة وتكثيف الحضور فيها العديد من النتائج المهمّة للعالم الإسلاميّ؛ فكلّ مسيرة تُقام بقوّة وجدّ فإنّها تجبر العدو المستكبر على التقهقر خطوة لا محالة.

فإنّ جميع ما يتحصّل الآن من تطوّرات في هذا الصعيد هو ببركة المسيرات العظيمة التي تُقام في يوم القدس العالمي، والتي ستؤدّي في نهاية المطاف إلى تهدّم أركان القوى إستكبار وستنجي القدس الشريف من سجن الكيان الصهيوني وجناياته.

وقد تطرّق سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي إلى بيان هذه الخصائص؛ فقال: إن يوم القدس العالميّ يمثّل برنامجاً بنّاء ومؤثّراً ويجب على الجميع أن يشاركوا في فعاليّاته لما له من دور فاعل في زلزلة أركان العدو….

كما يجدر بالمسلمين أن يستعدّوا ويهيّئوا عدّتهم وعتادهم وذلك باهتمامهم بإقامة المسيرات في هذا اليوم حتّى يتسنّى لهم في نهاية المطاف تحرير الأرض الإسلاميّة المغصوبة والقبلة الأولى لدين الإسلام وتطهيرها من دنس المستعمر الإسرائيلي

قدس

مسيرة يوم القدس العالميّ بمثابة الفرض الإلهيّ

من جملة ما يمكن الإشارة إليه من فاعليّات مسيرات يوم القدس العالمي ونتائجه المهمّة والتي جاءت في بيانات سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي؛ هي تبيين المكانة المعنويّة لما تصدح به الأمّة الإسلاميّة من شعارات في الارتقاء بالتعاليم الدينيّة والتعبّديّة للمؤمنين الصائمين.
وقد أكّد سماحته في هذا المجال فقال: إنّ المشاركة في مسيرات يوم القدس العالميّ بمثابة فريضة إلهيّة وحريّ بها أن يتمّ ثبتها ضمن أعمال المر وحسناته.

كما أنّ سماحته ذكر في مكان آخر: إنّي لأدعو جميع الناس أن يشاركوا في مسيرة يوم القدس العالميّ، وإنّي لموقن أنّ المشاركة في هذه المسيرة هي إحدى الأمور التي يمكن من خلالها التقرّب إلى الله عزّ وجلّ، فهي فرصة للجميع في أن ينهلوا من مواهبها الجمّة.

إنّ المشاركة في مسيرة يوم القدس العالميّ لأمر لازم على الجميع، كما أنّه من جملة ما يمكن للمرئ أن يدّخره ليوم المعاد.

كما أنّ سماحته قد أشار -في مقابلة جمعته مع أعضاء هيئة الانتفاضة والقدس- إلى المكانة التعبّديّة ليوم القدس العالميّ معتبراً إيّاه أصلاً مسلّماً وواجباً شرعيّاً؛ حيث قال:
عندما يسألني أحد المسلمين قائلاً: إنّ زوجتي لا تسمح لي بالمشاركة في مسيرة يوم القدس العالميّ؛ فماذا أفعل؟ وأنا أجيبه بأنّ المشاركة في مسيرة يوم القدس العالميّ -بحسب ما يقتضيه عصرنا هذا- واجب شرعاً، ولا يمكن لأحد من الناس سواء زوجتك أو غيرها أن يحول بينك وبين أدائها؛ لا سيّما أنّ المشاركة في المسيرة تمثّل وقوفاً مؤثّراً في وجه إسرائيل ومناهضة لها

كما أنّ المشاركة في يوم القدس العالميّ يمثّل بحسب رؤية سماحته أحد الأمور التي ينطبق عليها أخذ الثواب على نحو تصدق به أن تكون إحدى مقدّمات موجبات التقرّب إلى الله عزّ وجلّ؛ فلقد قال سماحته في إحدى خطبه في هذا الشأن: لعلّ الله سبحانه وتعالى يجعل هذا العمل [المشاركة في مسيرة يوم القدس العالميّ] من الأمور المثوب عليها ويضعها في ميزان حسنات المشاركين

وقد صرّح سماحته في مقام آخر: إنّي لأدعو جميع الناس أن يشاركوا في مسيرة يوم القدس العالميّ، وإنّي لموقن أنّ المشاركة في هذه المسيرة هي إحدى الأمور التي يمكن من خلالها التقرّب إلى الله عزّ وجلّ، فهي فرصة للجميع في أن ينهلوا من مواهبها الجمّة

إن توافر مسيرة يوم القدس العالميّ على الخصائص العباديّة القيّمة قد تسبّب بدوره في أن تنال تلك النهضة الشعبيّة المهمّة والمنهجيّة لقب أكبر مصاديق النهي عن المنكر، وقد أشار سماحة آية الله العظمى إلى هذا الأمر بكلّ وضوح حيث قال: إنّ مسيرة يوم القدس العالمي هي أكبر مصاديق النهي عن المنكر وإذا لم يقم المسلمون بالعمل بها سيطوي النسيان حادثة غصب الأراضي الفلسطينيّة

فقبلة المسلمين الأولى تقع في هذه البلاد، ولقد صلّى رسول الله صلى الله عليه وآله تلقاءها سنيناً، كما أنّه صلى الله عليه وآله قد عُرج به منها إلى السماء، لذا يجب على المسلمين العمل على استعادة قبلتهم الأولى والحفاظ عليها[32]، ومن هذا المنطلق كان من الواجب أن ننهض جميعاً في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك حيث تكون القلوب طاهرة والناس إلى الإسلام والمساجد أقرب، أن ننهض في وجه الكيان الصهيونيّ الغاصب رافعين الشعارات ضدّه بصوت واحد

الاحتلال الاسرائیلي

تقوية لجبهة المقاومة وقمع لنوايا إسرائيل التوسّعيّة

يمكن الإشارة إلى قضية تقوية جبهة المقاومة في المنطقة ضدّ إسرائيل بعنوان أنّه من جملة الخصائص المنهجيّة التي امتازت بها مسيرة يوم القدس العالميّ، وقد تطرّق سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي إلى بيان هذا الأمر قائلاً: قبل أن تنتصر الثورة الإسلاميّة ويصبح يوم القدس أحد الأمور المطروحة في الساحة؛ كانت المبادرات التي تتناول قضية فلسطين المحتلة تقوم من جانب التيّارات اليساريّة ومن بعدها أصبحت في يد الحركات العنصريّة غير أنّ كليهما قد باءا بالفشل الذريع في هذا المجال. كما أنّ الكيان الإسرائيلي قد وجّه في تلك الفترة ضربات موجعة للعالم الإسلاميّ منها على سبيل المثال حرب الآيام الستّة التي شنّها الإسرائيليّون على العرب.

غير أنّ معادلات القوة والاقتدار قد اختلفت عندما اتّخذت حركات التحرير ثوباً إسلاميّاً واستقوت بالدوافع والمحفّزات الدينيّة والاعتقاديّة حيث أصبحت إسرائيل في موقع الضعف. فلو لم يحدث هذا التحوّل الكبير في اتّجاهات المجاهدين الفلسطينيّة وحركات المقاومة؛ لما تمكّن حزب الله في لبنان من الوقوف في وجه جيش إسرائيل المكتمل العتاد والعدّة.

فلو لم تكن هذه المسيرة لتوسّع الصهيونيّون ولاحتّلوا الدول الإسلاميّة الأخرى لا سيّما أنّ الفكر الصهيونيّ قائم على التوسّع في الاحتلال.

بناء على هذا يمكن القول: لولا وجود التيّارات الإسلاميّة في المقاومة الفلسطينيّة لما تمكّن حزب الله أن يسدّد كلّ هذه الضربات الموجعة إلى عمق الكيان الصهيونيّ.

یوم القدس

يوم القدس آية رأفة الأمة الإسلاميّة ونهضتها للدفاع عن المظلوم

تمثّل نصرة المظلومين في شتّى بقاع الأرض لا سيّما الشعوب المسلمة المظلومة –بحسب رؤية سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي- من جملة الفاعليّات المهمّة في مسيرة يوم القدس العالميّ؛ حيث أبان سماحته في إحدى خطبه هذا الموضوع قائلاً: يجب على الشعوب المسلمة أن تقوم بواجبها تجاه القضيّة الفلسطينيّة، ويجب أن يعلو صوت جميع الأمّة الإسلاميّة بالاعتراض على سفّاك الدماء الصهيونيّ وحُماته معلنة بذلك وقوفها جنباً إلى جنب الشعب الفلسطيني المظلوم ومصرّحة بالدفاع عنه.

وأوضح سماحة المرجع الديني ومفسّر القرآن الكريم في ما يتعلّق بهذا الموضوع قائلاً في إحدى خطبه: نحن نعتقد بأنّ من واجب جميع الدول الإسلاميّة تقديم المساعدة بأي وجه أمكن إلى الشعب الفلسطينيّ المظلوم، علاوة على بذل كلّ ما أوتيت من قوّة لتخليص ذلك الشعب المسلم المظلوم من شرّ الكيان الصهيونيّ الغاصب الذي ما فتئ يرتكب الجنايات ويمارس ألوان الظلم عليه ليضيّق الخناق على كلّ من يسكن تلك الديار. فإنّ جميع المسلمين محاسبون -لا محالة- في يوم الحشر الأكبر على ما في عاتقهم من مسؤوليّة عظيمة تجاه الشعب الفلسطينيّ، فإنّ حرب هؤلاء الغاصبين بالرغم من كونها في عداد الجهاد الابتدائيّ؛ إلا أنّ المنطق والعقل السليم يؤيّدانها، ولا يمكن أن تعتبر عنفاً بأيّ حال من الأحوال. بل إنّها مقتضى الرأفة والرحمة الإسلاميّة تجاه الفرقة المظلومة المقهورة على أمرها

من هنا، حصر سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي طريق حلّ القضيّة الفلسطينيّة بالدفاع عنها نحو شامل ومدروس، ومن هذا المنطلق قال سماحته: إنّ القضيّة الفلسطينيّة لأمر جادّ تماماً، كما أنّ المعطيات العالميّة وروف الدول الإسلاميّة قد اختلفت عن ما كان في الماضي اختلافاً كبيراً، …ولهذا كان من الواجب أن يتمّ اتّخاذ إجراءات أكثر جديّة. ولكن ولمّا كانت التصرّفات والإجراءات المنفردة غير المتّسقة في زماننا لا تؤثّر شيئاً؛ وجب وضع برنامج مدروس وتخطيط ممنهج يحضره ممثّلون من جميع المكوّنات والمؤسّسات المختلفة، ليتمّ في إثره تفعيل آليّة للدفاع الشامل عن الفلسطينيّن الذين يتعرّضون في كلّ يوم إلى هجمات وحشيّة دامية.

يوم القدس العالميّ إحياء للقضيّة الفلسطينيّة وإثبات لعزّة الإسلام

يوم القدس العالميّ إحياء للقضيّة الفلسطينيّة وإثبات لعزّة الإسلام


يمكن الإشارة إلى الدور الفريد لنداء اعتراض الأمّة الإسلاميّة في تقويّة أهداف الشعب الفلسطينيّ المظلوم وإحياء قضيّتهم واثبات العزّة للإسلام، وذلك من حيث كونها من جملة الخصائص الأساسيّة التي تتميّز بها المسيرات في يوم القدس العالميّ، ومن المكوّنات الرئيسة الواضحة في آراء سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي؛ فلقد ذكر سماحته في ما يتعلّق بهذا الموضوع قائلاً: ما زال صوت القرآن الكريم عالياً صدّاحاً ينادينا إلى الجهاد بخلوص نيّة، والذي ينتج عنه النصر والغلبة والعزّة. وما زال نداء الإمام علي عليه السلام حينما قال:


فيجب أن نعمل على تقوية قيام الفلسطينيّن ونهضتهم على نحو يواصل الطريق الذي سلكه الأيوبيّون والقسّاميّون، فإنّ معيار حياة الشعب الفلسطينيّ هو مقاومتهم وجهادهم وما يقع بينهم من شهيد ومجروح، فكلّما استمر ذلك كلّما ظهر أنّ الروح الإسلاميّة والغيرة فيهم لم تمت، وأنّهم لم يرتضوا بعد الذلّة والهوان، فإن قضوا نحبهم فهم أحرار لم يُستعبدوا، وهذا تماماً على نقيض رؤساء وأمراء وملوك بعض الدول العربيّة الذين تقبّلوا الذلة ولبسوا ثوب المهانة، وبالرغم من كونهم يأكلون ويشربون إلى أنّهم أموات.

كما أنّ سماحته قد تطرّق إلى بيان الدور المهمّ الذي يلعبه يوم القدس العالميّ في الوقاية من انطواء القضيّة الفلسطينيّة في ظلمة النسيّان؛ حيث قال: مع انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران وتداول فكرة يوم عالميّ للقدس، واكتساء المقاومة بثوب وشمائل إسلاميّة؛ وقع الكيان الصهيونيّ في موضع الضعف بينما واصل تيّار المقاومة الفلسطينيّة طريقه في الجهاد.

لذا فإنّ الفائدة الأولى ليوم القدس العالميّ هي وقاية القضيّة الفلسطينيّة من النسيان والاندثار؛ حيث تُجرّ أهداف القضية الفلسطينيّة في كل عام نحو الإهمال فيأتي يوم القدس العالميّ ليكسر تلك القيود التي كبّلت الأذهان ويحي فيها قضيّة القدس[44]. وذلك لأنّ مُضي الزمان هو أحد الأسلحة التي يستخدمها العدو؛ حيث إنّ العديد من الدول المستكبرة والظالمة تنتهج سياسة الإسكات عن ما ارتكبته من جرائم لمدّة من الزمان بقصد أن يتناسى الناس تلك الحادثة قليلاً قليلاً إلى أن يعفى الزمان عليها، وغالباً ما يحدث ذلك.

وعلى هذا الأساس كان يوم القدس العالميّ يوماً مهمّاً في التاريخ الإسلاميّ وسنّة مدروسة بدقّة لمواجهة الغاصب الصهيونيّ، فكانت قذى في عينه لا ينفك يؤذيه.

إنّ يوم القدس العالمي هو السبب في تذّكر المسلمين حقيقة احتلال الكيان الإسرائيلي الغاصب لقبلتهم الأولى وأنّه قد غصب جزء من أراضيهم؛ صحيح أنّ هذا الأمر قد وقع قبل ستين عاماً؛ ولكن تتجدّد ذكراه في كلّ عام في هذا اليوم وتتعلّم الأجيال الجديدة أنّ «القدس لنا» ويجب أن نخلّصها من قبضة الصهاينة.

فجميع المسلمين –بلا استثناء عربهم وعجمهم، تركهم وفرسهم- يعلمون أنّ القدس هو قبلة الإسلام الأولى، ويمثّل أهمية للجميع. كما أنّ الجميع يعتقدون أنّ هذه الأرض هي من أراضي المسلمين، ومن هذا المنطلق فإنّهم جميعاً في هذا اليوم يرفعون أصواتهم بنداء «الموت لإسرائيل»

يوم القدس العالميّ انكشاف الستر عن وجه اسرائيل وحماتها الغربيّين الحقيقيّ المدّعين لمراعاة حقوق الإنسان

يوم القدس العالميّ انكشاف الستر عن وجه اسرائيل وحماتها الغربيّين الحقيقيّ المدّعين لمراعاة حقوق الإنسان

يمكن الإشارة إلى أحد فاعليّات وعلامات يوم القدس العالميّ؛ وهي البعد الإعلاميّ والدعائيّ لخطابات هذا اليوم العظيم وما تلعبه من دور مؤثّر في كشف الستر عن الوجه الحقيقيّ لإسرائيل وحماتها الغربيّين من مدّعى الدفاع عن حقوق الإنسان ببيان ما يرتكبونه من جرائم، ونجد أن منهاج سماحة آیة الله العظمی ناصر مکارم الشیرازي في خطابه إلى الغرب يوضّح هذه المسألة على نحو في منتهى البيان، حيث قال: فهل تمتثل الجهات التي تنادي بمراعاة حقوق الإنسان وقد أصمت آذان شعوب العالم بشعاراتها المدافعة عن البشر لما تنادي إليه وتراعي حقوق الإنسان في حروبها؟! حيث إنّنا لم نر في الحروب التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيّن العزّل عدم مراعاتهم لتلك الأمور وحسب، بل شاهدنا أيضاً كيف أنّ هؤلاء الجناة عديمي الرأفة والرحمة يهدمون بيوت الفلسطينيّن، ويقصفون المستشفيات فيهدمونها فوق رؤوس المرضي والمجروحين، ويحرقون المزارع ويبيدون الأشجار ويقتلون بلا رحم الصغير والكبير حتى المسنّين[49] بلا أدنى رحمة؛ وبالرغم من كلّ هذا يقوم مدّعو الدفاع عن حقوق الإنسان بتأييدهم والدفاع عنهم في حين يتهموننا نحن بممارسة العنف!.
فلو كان مدّعو الدفاع عن حقوق الإنسان صادقين في ما يذكرونه من شعارات جميلة المظهر؛ لتحوّل وجه البشريّة ولتغيّرت حياتهم إلى الأفضل، ولكنّهم منحرفين عن طريق الصدق ولا يفكّرون في شيء سوى منافعهم الخاصّة ينشرون الظلم والتفرقة المشينة والكيل بمكيالين، ومن هنا نجد أنّ مدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان يصمّون آذان العالم بندااتهم واعتراضاتهم إذا ما تمّت محاكمة جاسوس إسرائيلي في بقعة من بقاه الأرض، ولكنّهم لا يحرّكون ساكناً ولا ينطقون بحرف إذا ما قتل الآلاف من الشعب الفلسطيني المظلوم بأشنع الطرق وأبشع الأساليب. بل أنّهم –بكلّ أسف- يسارعون إلى دعم الظالم ومساعدته سياسيّاً واقتصاديّاً وعسكريّاً ليزيد في ظلمه وقتله الأبرياء![51].

وعلى هذا النحو أشار سماحته إلى فضح إسرائيل وداعميها من الغربيّين المتزايد يوماً بعد يوم من حيث كونه أحد أهم خصائص مسيرات يوم القدس العالميّ الفريدة فقال: ولتربّي الشعوب أجيالها الناشئة بمشاركتها في مسيرة يوم القدس العالميّ درساً مهمّاً؛ ألا وهو أنّ إسرائيل ظالمة غاصبة وأنّ الأراضي الفلسطينيّة ستعود إلى جمع الدول الإسلاميّة

يوم القدس هو يوم تنديد واعتراض جميع المسلمين على الجرائم الصهيونيّة وفرصة لفضح الكيان الصهيونيّ، فاليوم قد أضحت إسرائيل أكثر انزواء وعزلة وأعظم فضيحة على المستوى العالميّ من ذي قبل، كما أنّ آراء المجتمع الدولي تقف ضد هذا الكيان الغاصب.

دلالات يوم القدس في فكر الامام الخميني

دلالات يوم القدس في فكر الامام الخميني

إحدى القضايا الكبرى التي أعلنها الإمام الخميني الراحل، هو تحديد يوم خاص للإحياء وتجديد العهد والعمل وفق ما يقتضيه الحدث، في قضية فلسطين والقدس حيث أعلن الإمام يوماً عالمياً لها، وذلك في يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام، والملفت في هذا الإعلان عدة عناصر لا تقلّ اهمية إحداها عن الأخرى:

أولاً: إن الإعلان جاء بعد ستة أشهر من عودة الإمام الخميني التاريخية إلى إيران وبعد أربعة أشهر من قيام الجمهورية الإسلامية أي في تموز من العام 1979م مما يؤكد على مدى حضور هذه القضية، وعلى حيّز الأولوية الذي شغلته في فكر الإمام.

ثانياً: إن اليوم لم يكن خاصاً بالمسلمين بل يوماً عالمياً، وفي ذلك إشارة إلى إعطاء الإمام للقضية بعدها العالمي، كنموذج للصراع بين الحق والباطل، وهذا ما عبر عنه الإمام والذي سيتضح من دلالات يوم القدس.

ثالثاً: إن إعلان اليوم هو في شهر رمضان، وهو شهر الوحدة بين المسلمين، الذين يلبي فيه أكثرهم نداء الحق ويحلون في ضيافة الرحمن متوجهين نحوه بالدعاء والابتهال، ملزمين أنفسهم القيام بالواجب وترك المحرم، وعلى القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسؤال الذي يطرح، هل هناك في حياة الأمة وواقعها اليوم منكرٌ أخطر وأسوأ من انتهاك حرمة المسجد الاقصى من قبل المستوطنين؟

إذن لا بد أن يلزم المؤمنون أنفسهم بتلبية نداء الحق في هذا الشهر، وقلوبهم معلقة بالحق قريبة منه، تعيش حالة من الصدق مع الذات، كما أن شهر رمضان يمثل بالنسبة للمسلمين شهر الجهاد والانتصار.

الراحل الامام الخمیني رحمه الله

رابعا: دلالة ورمزية يوم الجمعة الذي هو عيدٌ للمسلمين جميعاً، يتوجهون فيه إلى بيوت الله تعالى لإقامة الجماعة وأداء الجمعة، في حالة من الخشوع والتقرب إلى الله، وفي حالة من الوحدة والألفة بين المسلمين والمؤمنين.

خامسا: رمزية اليوم مع التوقيت (الجمعة الأخيرة من شهر رمضان)، حيث هذه الأيام الأخيرة وخصوصاً الجمعات منها لها خصوصيات عبادية هامة، فهي الأيام التي تختصر خيرات الشهر، وفي إحدى لياليها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، والتي يعبّر فجرها عن ظهور الحق عبر الصيحة التي ستحصل وتبشر العالم بخروج الإمام المهدي‏ (عجل الله فرجه الشريف) الذي سيطرد اليهود وللأبد من فلسطين، وستكون القدس هي مكان الإعلان عن قيام دولة العدالة الإلهية.

وهكذا كانت دعوة الإمام الخميني “أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوماً للقدس، وان يعلنوا من خلال مراسم الاتحاد العالمي للمسلمين دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم”.

يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين

يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين

اٍنه يوم عالمي، له علاقة بالصراع بين الخير والشر، وعمليا بين محور الشر المتمثل بالمستكبرين ومحور الخير الذي يجسده المستضعفون. ومما جاء في كلام الإمام حول هذا الموضوع “يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوماً خاصاً بالقدس، انه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين”. ويقول قدس سره “انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها للقوى الكبرى”. ويقول أيضاً في السياق ذاته “انه اليوم الذي يجب أن يتجهّز فيه المستضعفون في مقابل المستكبرين ليمرغوا أنوف المستكبرين في التراب”. وكذلك فانه يوم يجب توجيه التحذير فيه لكل القوى الكبرى بوجوب رفع يدها عن المستضعفين ويوم تثبيت حق المستضعفين في الوجود والحياة والحضور والتأثير على ساحة وميدان الحياة الدنيا ولعلنا يمكن ان نستذكر بعض ما قاله الامام في هذا اليوم: يقول الإمام الخميني (قدس سره) “يوم القدس، يوم يجب أن تتحدد فيه مصائر الشعوب المستضعفة، يوم يجب فيه أن تعلن الشعوب المستضعفة عن وجودها في مقابل المستكبرين”. ويضيف “يوم القدس يوم يجب أن نخلّص فيه كل المستضعفين من مخالب المستكبرين، يوم يجب أن تعلن كل المجتمعات الإسلامية عن وجودها وتطلق التحذيرات إلى القوى الكبرى”.

يوم القدس هو محطة ومناسبة لتجميع المستضعفين وتوحيد كلمتهم بما يمكن أن يؤسس لحزب المستضعفين. وفي هذا البعد يقول الإمام الخميني: “لقد كان يوم القدس يوماً إسلامياً، ويوماً للتعبئة الإسلامية العامة، وآمل أن يكون هذا الأمر مقدمة لتأسيس حزب للمستضعفين في كل أنحاء العالم، وأتمنى أن يظهر حزب باسم المستضعفين في العالم”.

يوم القدس هو يوم الإسلام

يوم القدس هو يوم الإسلام

بعد رمزيته العالمية والإنسانية، تأتي الرمزية الدينية للقدس، كتعبير عن مكانة الإسلام كدين إلهي يريد أن يصلح العالم وأن يرفع الظلم ويقيم العدل، وأحد الرموز الفعلية لذلك هو القدس وما تدلل عليه في عملية إحيائها وتحريرها كعملية لإحياء الدين وإقامته ونشره.


وفي هذا المعنى يقول الإمام الخميني (قدس سره) “يوم القدس، يوم الإسلام، يوم القدس، يوم يجب فيه إحياء الإسلام وتطبيق قوانينه في الدول الإسلامية. يوم القدس، يجب أن تحذر فيه كل القوى من أن الإسلام لن يقع بعد الآن تحت سيطرتهم وبواسطة عملائهم الخبثاء. يوم القدس، يوم حياة الإنسان، يجب أن يصحو جميع المسلمين وان يدركوا مدى القدرة التي يمتلكونها سواء المادية منها أم المعنوية، إنني اعتبر يوم القدس يوماً للإسلام ويوماً لرسول الله (ص) ويوما يجب أن نجهّز فيه كل قوانا لإخراج المسلمين من العزلة”.

یوم القدس فلسطین

يوم القدس هو يوم الالتزام ونفي النفاق

بعد البعدين العالمي والإسلامي، الإنساني والديني، كان البعد التطبيقي ليوم القدس، الذي يجسّد حقيقة الالتزام بالإسلام، وواقع الانتهاج بنهجه، والاستنان بسنته والاحتكام إلى تشريعاته، بحيث إن هذا اليوم هو المميز بين المسلمين حقاً من غير المسلمين بالمعني الفعلي، أو بالأحرى هو الذي يميّز المؤمنين عن المنافقين.

يقول الإمام الخميني (قدس سره) “انه اليوم أي يوم القدس الذي سيكون مميزاً بين المنافقين والكثيرين فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوماً للقدس ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون فإنهم في هذا اليوم غير آبهين أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات”. ويقول أيضا “إن الذين لا يحيون مراسم يوم القدس هم مخالفون للإسلام وموافقون للصهيونية”.

بعد إعطاء الأبعاد الحقيقية ليوم القدس، أكد الإمام الخميني قدس سره على ضرورة إحياء هذا اليوم، الذي جعل له شعائر خاصة، تعبّر عن حقيقة الإحياء، فليس الأمر مجرد رفضٍ للصهيونية ولهيمنتها ولتسلطها وليس هو مجرد استنكار للظلم الناتج عن احتلال القدس، ومشروع تهويدها، إنما الأمر يتعدى ذلك إلى التحرك والنزول إلى الشارع والتعبير العملي عن الاستنكار والرفض للصهيونية وللاستكبار. يقول الإمام الخميني (قدس سره) “إن يوم القدس، يوم يجب أن تلتفت فيه كل الشعوب المسلمة إلى بعضها، وان يجهدوا في إحياء هذا اليوم فلو انطلقت الضجة من كل الشعوب الإسلامية في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك الذي هو يوم القدس لو نهضت كل الشعوب وقامت بنفس هذه التظاهرات ونفس هذه المسيرات، فان هذا الأمر سيكون مقدمة إن شاء الله للوقوف بوجه هؤلاء المفسدين والقضاء عليهم في جميع أرجاء بلاد الإسلام”. ويدعوإلى “أن يعتبر المسلمون يوم القدس يوماً كبيراً وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية في يوم القدس وأن يعقدوا المجالس والمحافل ويرددوا النداء في المساجد”، مشيرًا إلى “لو أن كل المسلمين في العالم خرجوا يوم القدس من بيوتهم وصرخوا (الموت لأمريكا، الموت لـ “اسرائيل”) فإن نفس قولهم الموت لهذه القوى سوف يجلب الموت له”. هذا اليوم يجب ان يكون يوما حقيقا للتصدي لانتهاكات الصهاينة للمسجد الاقصى ولاعتداءاتهم المستمرة على اهله …هذا اليوم يجب ان يكون يوم تصدي لقرارات ظالمة تعطي للصهاينة كل يوم حقوق غير مشروعة على هذه الارض المسروقة المغتصبة من اهلها.

القدس

كانت وصية الامام الخميني واضحة؛ان يوم القدس العالمي هو يوم الاسلام، يوم احياء الاسلام، يوم ينبغي فيه للمستضعفين ان يعدوا أنفسهم لمواجهة المستكبرين، يوم ينبغي فيه على كل مسلم ان يجهز نفسه لمواجهة “اسرائيل” ولابد ان تعود القدس الي المسلمين. انه يوم الفصل بين الحق والباطل يوم انفضاح المتآمرين الموالين لـ “إسرائيل”، يوم يجب ان نسعى فيه جميعا لإنقاذ الناس، يوم انذار القوى العظمى بان الاسلام لن يرضخ لسيطرتها او لسيطرة الخبثاء من عملائها.

ان لهذا الاعلان المقدس بعدا سياسيا وانسانيا هاما فهو يكشف نوايا قوى الاستكبار الخبيثة ويفضح خططها ومؤامراتها على الامة الاسلامية وعلى فلسطين والقدس.

تبقى اهمية الاحياء والمشاركة في هذا اليوم دليل على الدور الذي يمكن ان تلعبه الشعوب المسلمة في كافة بقاع الارض لتجديد العهد والولاء لبيت المقدس اولى القبلتين ومسرى الرسول الاكرم محمد (ص).

وبناء على ذلك يقول الامام الخميني “الذين لا يشاركون في يوم القدس موافقون لإسرائيل مخالفون للإسلام”. علّنا بهذا النداء العالمي نفهم حكمة هذا العالم الرباني في الاصرار على اعلان هذا اليوم العظيم، يوم تجديد العهد مع القدس ومقدساته لتبقى عين المسلمين وعقولهم موجهة لأرض فلسطين ولا شيء سواها.

لقد دأبت الجمهورية الاسلامية في إيران على تجديد العهد مع القضية الفلسطينية والمقدسات على ارض فلسطين. ولان ارض فلسطين هي ارض مقدسة ولأنها مرسى نبّي هذه الامة صلّ الله عليه وعلى اله وسلم فهي بقيت ولا تزال قبلة المجاهدين، وهذا الاحتفال السنوي هو تعديل للبوصلة وتذكير بعدالة هذه القضية وأحقيّتها.

شهید القدس سلیماني
القدس تنتفض وَإِنٌ عُدتُم عُدنَا 22
Exit mobile version