مراسیم تشییع الشهیدین السید حسن نصرالله و السید صفي الدین 23 فبرایر

اقامت مراسیم تشییع الشهیدین السید حسن نصرالله و السید صفي الدین في یوم الاحد ۲۳ فبرایر في بیروت العاصمة اللبنانیة

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، اليوم، مراسم تشييع مهيبة للشهيدين السيد حسن نصرالله والسيد صفي الدين، حيث غصّت الشوارع بملايين المشيّعين الذين قدموا من مختلف أنحاء لبنان والعالم العربي والإسلامي للمشاركة في هذا الحدث التاريخي. وقدر عدد المشاركين حتى الآن بحوالي مليون ونصف شخص، في مشهد يعكس حجم التأييد الشعبي الكبير للمقاومة الإسلامية في لبنان.

مراسیم تشییع الشهیدین السید حسن نصرالله و السید صفي الدین 23 فبرایر

منذ ساعات الصباح الأولى، بدأ توافد الجماهير إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث انطلقت مراسم التشييع من مجمع سيد الشهداء، وسط هتافات التأييد للمقاومة ورفض الاحتلال والعدوان. وارتفعت أعلام حزب الله والمقاومة الإسلامية إلى جانب الأعلام اللبنانية والفلسطينية، فيما علت أصوات التكبيرات واللطميات تعبيرًا عن الحزن والغضب على فقدان القيادتين الجهادية والسياسية.

وعلى طول مسار التشييع، انتشرت اللافتات الضخمة التي حملت صور الشهيدين وشعارات المقاومة، فيما سارت الجموع خلف النعشين المغطيين بالعلم الأصفر، في أجواء مهيبة لم يشهد لبنان مثيلًا لها منذ سنوات.

مراسیم تشییع الشهیدین السید حسن نصرالله و السید صفي الدین 23 فبرایر


أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن شهيد الأمة السيد حسن نصرالله قائد تاريخي استثنائي، وقائد وطني عربي إسلامي، مشيرًا إلى أن نصر الله يمثل قبلة الأحرار في العالم.

وفي كلمته في مراسم تشييع السيدين الشهيدين، نصر الله وهاشم صفي الدين، وجَّه الشيخ قاسم التحيّة للحشود المشاركة في تشييع الشهيدين سيّد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، مخاطبًا إياهم بالقول: “أخاطبكم باسم أخي وحبيبي السيد حسن نصر الله السلام عليكم يا أوفى وأكرم وأشرف الناس ويا من رفعتم رؤوسنا عاليًا”.

وأضاف سماحته: “نودّع اليوم قائدًا تاريخيًا استثنائيًا وطنيًا وعربيًا إسلاميًا يمثل قبلة الأحرار في العالم”، لافتًا إلى أنَّ “السيد حبيب المقاومين وجهته فلسطين والقدس وهو الذي ساهم في إحياء هذه القضية”.

وتحدّث عن سيرة السيد نصر الله، فأشار إلى أنَّ “السيد العزيز قاد المقاومة الى الأمة وقاد الأمة إلى المقاومة”، مؤكدًا أنَّه ذاب في الإسلام والولاية، واستشهد في الموقع المتقدّم، مشددًا على أنَّ “السيد باقٍ في خط سيره وجهاده وأنت حيّ فينا، وسنحفظ الأمانة وسنسير على هذا الخطّ”.

وأضاف الشيخ قاسم مخاطبا السيد نصر الله: “أنت القائل هذا الطريق سنُكمله جميعًا حتى لو قُتلنا جميعًا وإنّا على العهد يا نصر الله”.

كما أعرب سماحته عن افتقاده للشيخ صفي الدين، وتوجّه بالتعزية والتبريك لعوائل السيديْن الجليليْن ومن استشهد برفقتهما وشهداء المقاومة وللمنتمين والمُحبّين.

كذلك، وجّه التحية للأسرى، وقال لهم: “لن نترككم عند العدو وسنقود كلّ الضغوطات اللازمة للإفراج عنكم”.

هذا ولفت الشيخ قاسم إلى أنَّ الحشد اليوم هو تعبير عن الوفاء الذي قلّ نظيره في تاريخ لبنان.

وحول إسناد غزة، قال سماحته: “معركة إسناد غزة هي جزء من إيماننا بتحرير فلسطين، وواجهنا الكيان “الاسرائيلي” والطاغوت الأكبر أميركا التي حشدت كل إمكاناتها لمواجهة محور المقاومة الذي التفّ حول غزة وفلسطين”.

وأشار إلى أنَّ حجم الإجرام غير مسبوق لإنهاء المقاومة في غزة ولبنان، ولكن في المقابل حجم الصمود والاستمرارية كان غير مسبوق، مؤكدًا أنَّ العدو “الاسرائيلي” لم يستطع التقدّم بسبب المقاومة وصمودها وعطاءاتها.

واعتبر الشيخ قاسم أنَّ الموافقة على وقف إطلاق النار في لحظة مناسبة كانت نقطة قوة، وتابع: “أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها”، لافتًا إلى أنَّ “أبرز خطوة اتخذناها أن تتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولياتها”.

وشدَّد الأمين العام لحزب الله على أنَّ “اسرائيل” لا تستطيع أن تستمرّ في احتلالها وعدوانها، مؤكدًا أنَّ المقاومة موجودة وقوية عددًا وعدّة.

وأضاف: “المقاومة إيمان أرسخ من الجحافل وعشق يتغلغل في المحافل ونصر يخلد كل مقاتل والمقاومة باقية ومستمرة، المقاومة لم تنتهِ بل مستمرة في جهوزيتها وهي إيمان وحقّ ولا يمكن لأحد أن يسلبنا هذا الحقّ، المقاومة تُكتب بالدماء ولا تحتاج الى الحبر على الورق”.

وأردف سماحته: “سنُمارس عملنا في المقاومة نصبر أو نُطلق متى نرى مناسبًا، ولن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب، ولن نقبل باستمرار قتلنا”، مشيرًا إلى أنَّ المسؤولين في لبنان يعرفون توازن القوى.

وسأل الشيخ قاسم مدّعي السيادة: “كيف تكون السيادة مع هذا الاحتلال المستمرّ؟”، وقال للأميركيين: “اعرفوا أنه إذا كنتم تحاولون الضغط على لبنان فلم تتمكنوا من تحقيق أهدافكم وأنصحكم بأن تكفّوا عن هذه المؤامرات”.

وأكَّد أنَّ “حزب الله وحركة أمل كانا في متن تركيبة البلد، ولا يمكن لأحد أن يطلب منا أن ننكشف وأن نقدم ما لدينا من قوة”.

كذلك، قال: “نحن أبناء الإمام الخامنئي والإمام الخميني والإمام موسى الصدر والسيد عباس الموسوي والسيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، لو اجتمع طواغيت العالم لقتلنا فسوف نواجههم حتى النصر أو الشهادة”.

وتوجّه للسيد نصر الله بالقول: “يا سيّدنا القيادات موجودة والمقاومين موجودون والشعب موجود”، مؤكدًا أنَّ “المقاومة أساس وهي خيارنا السياسي ما دام الاحتلال موجودًا”.

ولفت إلى أنَّ حزب الله سيتابع تحرّك الدولة لطرد الاحتلال دبلوماسيًا، وأضاف: “المقاومة أساس وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما زال الاحتلال موجودًا ونمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة والظروف ونناقش لاحقًا استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية”.

وأشار إلى أنَّ حزب الله سيواجه مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب التهجيري، وأوضح أنَّ الحزب سيشارك في بناء الدولة القوية ونهضتها، مع حرصه على مشاركة الجميع في بناء الدولة والوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

وأعاد الشيخ قاسم التأكيد على تحالف حزب الله مع حركة أمل، وتابع: “لا تفكّروا أن تلعبوا بيننا ونحن واحد في الخيارات وسنبقى معًا إن شاء الله”.

وشدَّد الأمين العام لحزب الله على أنَّ الحزب متمسك بإخراج المحتل واستعادة الأسرى وإعادة الإعمار وإقرار خطة الانقاذ والنهضة السياسية والادارية والاجتماعية بأسرع وقت.

شهدت المراسم حضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والحزبية اللبنانية، بالإضافة إلى وفود عربية وإسلامية من دول عدة، من بينها إيران، العراق، سوريا، فلسطين، واليمن، حيث شارك ممثلون عن الفصائل الفلسطينية وحركات المقاومة المختلفة في إلقاء كلمات تعزية وتأكيد على وحدة الصف المقاوم.

كما أرسل عدد من الدول رسائل تعزية ودعم، أبرزها الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أكدت عبر مسؤوليها أن “الشهيدين سيبقيان رمزًا للمقاومة، وأن دماءهما لن تذهب هدرًا”، فيما أصدرت فصائل المقاومة الفلسطينية بيانات نعت فيها القائدين، مؤكدة أن “التنسيق بين محور المقاومة سيزداد قوة في مواجهة الاحتلال الصهيوني”.

مراسیم تشییع الشهیدین السید حسن نصرالله و السید صفي الدین

في ظل هذا الحشد الجماهيري الضخم، فرضت الأجهزة الأمنية اللبنانية إجراءات مشددة لضمان سلامة المشاركين، حيث انتشرت وحدات الجيش وقوى الأمن الداخلي في مختلف الشوارع المؤدية إلى موقع التشييع. كما تولت فرق من حزب الله تنظيم المسيرات وتوجيه الحشود لتفادي أي ازدحام أو طارئ.

ورغم ضخامة الحدث، سارت مراسم التشييع بانسيابية، حيث وفّرت فرق الإسعاف والهلال الأحمر نقاط طبية متنقلة على طول الطريق، تحسبًا لأي حالات طارئة وسط الحشود الكثيفة.

بعد إتمام الصلاة على الجنازتين، نُقل جثمان الشهيد إلى روضة الشهید ، حيث و وريا الثرى وسط مشاعر حزن عميقة، فيما ردد المشيعون عبارات الوداع وأقسموا على مواصلة درب المقاومة حتى تحقيق أهدافها.

ومع انتهاء المراسم، بقيت شوارع الضاحية الجنوبية تعج بالجموع التي تجمعت في الساحات لإحياء الذكرى وتقديم التعازي، فيما استمرت أصوات التكبيرات والأناشيد الحماسية تصدح في الأجواء، مؤكدين أن “الدماء التي سالت ستنبت نصرًا جديدًا للمقاومة في قادم الأيام”.

Exit mobile version