موقع آماج الإخبارية – يشكل مصرع ياسر أبو شباب، زعيم المليشيات الموالية لإسرائيل في قطاع غزة، محوراً لتحليلات تؤكد إخفاق المشروع الاستخباري الإسرائيلي الرامي لخلق بديل محلي. وجاء مصرعه في ظل ظروف غامضة بينما تصف حركة حماس عمله بأنه “خيانة” تستحق المصير الحتمي.
نبذة عن الحادثة والرواية الرسمية
أعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء، عن اغتيال ياسر أبو شباب شرقي رفح في قطاع غزة على يد مجهولين، وسط غموض يُكتنف ملابسات الحادث. وتضاربت الأنباء المسربة للصحافة الإسرائيلية حول كيفية مصرعه ومكانه بالضبط.
يُذكر أن ياسر أبو شباب (من مواليد 1990 في رفح) ينتمي إلى قبيلة الترابين، وكان معتقلاً قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بتهم جنائية، وأُطلق سراحه عقب قصف إسرائيل لمقرات الأجهزة الأمنية في غزة. وبرز اسمه بعد استهداف كتائب عز الدين القسام – الجناح العسكري لحماس – قوة من “المستعربين” ومجموعة عملاء شرق رفح في 30 مايو/أيار 2025، والذين تبين أنهم يتبعون لما وصفته المقاومة بـ”عصابة ياسر أبو شباب”.
بيان حماس: “خان شعبه ولقي مصيره الحتمي”
خرجت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ببيان علني حول الحادثة، قالت فيه: “إن مصير قائد المليشيا المسلحة ياسر أبو شباب العميل المتعاون مع الاحتلال هو مصير حتمي لمن خان شعبه ووطنه، ورضي أن يكون أداة في يد إسرائيل”. وأضافت الحركة في بيانها أن أبا شباب قام بأفعال إجرامية مع عصابته، مثلت “خروجاً فاضحاً عن الصف الوطني والاجتماعي”.
تأييد القبائل وتماسك النسيج الاجتماعي
ثمّنت حماس في بيانها موقف العائلات والقبائل والعشائر التي تبرأت من أبو شباب “ومن كل من تورّط في الاعتداء على أبناء شعبه أو التعاون مع الاحتلال”، مؤكدة أن هذه القوى رفعت “الغطاء العشائري والاجتماعي عن هذه الفئة المعزولة”. وأكدت الحركة أن “الاحتلال الذي عجز عن حماية عملائه لن يستطيع حماية أيّ من أعوانه”، مشيرة إلى أن وحدة الشعب الفلسطيني بعائلاته وقبائله ومؤسساته “ستظل صمام الأمان في وجه كل محاولات تخريب نسيجه الداخلي”.
تحليلات الخبراء: فشل استراتيجية “البديل المحلي”
رؤية د. إياد القرا
أكد د. إياد القرا، الخبير والتحليلي البارز، أن نهاية ياسر أبو شباب تُشكل دليلاً واضحاً على انهيار المشروع الإسرائيلي الذي هدف لخلق نموذج لعملاء محليين مأجورين في غزة. وأوضح أن هذا المشروع فشل سريعاً لثلاثة أسباب أساسية: افتقاده لقاعدة شعبية، ورفض القبائل لأي محاولة لخلق مرجعية بديلة في غزة، وقدرة المقاومة على تفكيك أي بنية تشكل تهديداً للأمن الوطني الفلسطيني.
رأي عادل شديد
بدوره، رأى المحلل السياسي عادل شديد أن الحادثة تؤكد عجز الاحتلال عن فهم طبيعة المجتمع الفلسطيني المتماسك والواعي، والذي يرفض أي هياكل محلية مصطنعة تُفرض من الخارج. وأشار إلى أن تاريخ التعامل الإسرائيلي مع العملاء المحليين يؤكد أنهم مشاريع مؤقتة تُترك بعد انتهاء صلاحيتها.
وجهة نظر أحمد الحيلة
أكد الكاتب والخبير الفلسطيني أحمد الحيلة أن حادثة اغتيال أبو شباب تُظهر عمق الوعي الوطني الفلسطيني، وأن الدرس الأساسي ليس في الجهة التي نفذت العملية، بل في الرسائل الموجهة للمجتمع الفلسطيني. وأشار إلى أن الاحتفاء الشعبي الواسع بمصرعه يؤكد رفض المجتمع لأي شكل من أشكال التعاون مع العدو، وتشبثه بمرجعيته الوطنية.
تحليل طه عبد العزيز: نهاية وهم أمني
اعتبر الكاتب والخبير طه عبد العزيز أن مصرع أبو شباب يمثل “نهاية وهم أمني إسرائيلي”. وشرح أن الاحتلال حاول خلال الحرب الاعتماد على مجموعات من الخارجين على القانون كخيار محتمل لإدارة غزة، حيث تم استخدام أبو شباب ومجموعته كأداة رخيصة لتفقد المنازل المدمرة والتقليل من خسائر الجيش الإسرائيلي. وأكد أن الوعي الاجتماعي العالي لأهل غزة لعب دوراً حاسماً في إفشال هذا المشروع.

تداعيات استراتيجية وأسئلة مفتوحة
تُظهر التطورات الأخيرة فشل الاحتلال في إيجاد أو خلق مرجعية بديلة تحظى بالقبول الشعبي في غزة. ويبقى السؤال حول ملابسات مصرع أبو شباب مفتوحاً بين ثلاثة سيناريوهات رئيسية: تنفيذ المقاومة له، أو تصفيته من قبل الجانب الإسرائيلي ضمن حسابات مرحلية، أو خلاف داخلي داخل مجموعته.
أكد الخبراء أن أي مشروع قائم على العملاء المأجورين محكوم عليه بالفشل في مواجهة الوعي الوطني الفلسطيني وتماسك النسيج الاجتماعي. كما تناقلت وسائل الإعلام العبرية انتقادات حول الاستثمارات الفاشلة والاعتماد على العصابات الإجرامية لتنفيذ المشروع السياسي الإسرائيلي في غزة، مما يعكس اعترافاً داخلياً متزايداً بإخفاق هذه الاستراتيجية.












