في لقاء حصري، تحدث الشيخ المجاهد كاظم الفرطوسي، الناطق الرسمي لكتائب سيد الشهداء، عن السيرة الجهادية والسياسية للفصيل، معتبراً أن الجهاد هو شجرة عطاء تنبت بالدماء. تناول الحوار تاريخ تأسيس الكتائب، دورها في سوريا، والمعارك التي شاركت فيها ضد داعش، إضافة إلى تسليط الضوء على الشهداء والجرحى ومدى الالتزام بالحفاظ على حقوقهم. تم الحديث أيضاً عن التحديات التي تواجه الجرحى في الحشد الشعبي، وكيفية تعامل الحكومة العراقية مع هذه القضايا. هذا اللقاء يقدم نظرة داخلية على ما يجري في قلب المقاومة العراقية وأهدافها في المستقبل.
لقاءً وحديثًا توشح بالإيمان بالله أولًا، وبقدرة وإمكانية من سار فريق المقاومة الجهادي لنصرة مبادئ الدين والإنسانية، والحفاظ على هوية واستقرار العراق، أنهم فتية آمنوا بربهم. إنه لقاء المبادئ والإيمان والإصرار والمقاومة والشهادة في سبيل الله ونصرة الحق والمظلومين. كان لنا هذا اللقاء مع الناطق الرسمي لكتائب سيد الشهداء، الشيخ المجاهد كاظم الفرطوسي.
حاورته: سجى اللامي
في البدء، حدثنا عن التاريخ الجهادي والسياسي لكتائب سيد الشهداء، والمعارك التي شاركت بها الكتائب؟
- كتائب سيد الشهداء هي فصيل من الفصائل المقاومة العراقية، تم تأسيسها بمراحل متعددة بدأت مع القادة الأحياء والذين استشهدوا قبل سقوط النظام المقبور. نبدأ بالأمين العام الحاج “أبي آلاء الولائي”؛ كان من السجناء وحُكِمَ عليه بأحكام متعددة في النظام السابق -ثلاثة أحكام بالإعدام- وكذلك أحكام بالمؤبد. وبعد سقوط النظام السابق، بدأت تتشكل مجاميع جهادية كان هدفها مقاومة المحتل وإقامة عمليات عسكرية ضد الاحتلال الأمريكي. كانت هذه المجاميع بأسماء مختلفة، ثم ذهبت إلى سوريا وأخذت اسم «أبي فضل العباس عليه السلام». وبعد تسمية أبي الفضل العباس، تحول الاسم إلى «كتائب سيد الشهداء».
هل كتائب سيد الشهداء هم أول فصيل دخل إلى سوريا؟
- نعم، «كتائب سيد الشهداء» هو أول فصيل دخل إلى سوريا عند دخول التكفيريين ووصولهم إلى مقام السيدة زينب -عليها السلام- وتهديدهم بتفجير المقام. فذهبت مجموعة استشهادية من كتائب سيد الشهداء بقيادة الحاج “فالح الخزعلي”، ثم تلتها مجموعة أخرى واستمرت في الجهاد. شاركت الكتائب في الحرب ضد داعش قبل الفتوى التي أطلقها السيد علي السيستاني -حفظه الله- وأيضًا بعد الفتوى. من المواقع الخطرة التي سيطرت عليها الكتائب في شمال بغداد: هور الباشا، ومنطقة الضابطية، ومنطقة الشيخ عامر مقابل سبع البور. كانت هذه المناطق شرسةً وخطيرةً جدًا، وهددت بغداد والكاظمية والإمام الكاظم -عليه السلام-، حيث تم استهداف الإمام الكاظم من تلك المناطق بالصواريخ لأنها كانت تبعد مسافة امتدادية تقريبًا 12 كيلومترًا. تأسيس كتائب سيد الشهداء بهذا الاسم جاء متأخرًا بعد دخولهم سوريا، لكن كوجود وتأسيس جماعات وشباب سبق هذا الاسم بكثير.
كم عدد الشهداء والجرحى في كتائب سيد الشهداء؟
- تجاوز عدد الشهداء أكثر من 300 شهيد من القيادات والأفراد في معارك سوريا والعراق عند دخول داعش لبعض المحافظات العراقية. أما الجرحى، فليس لدينا تحديدٌ بالرقم كونهم بأعداد كبيرة.
هل الحكومة العراقية أنصفت عوائل الشهداء والجرحى بإعطاء الحقوق؟
- الشهداء عند ربهم يرزقون.. أما فيما يتعلق بالحكومة العراقية بخصوص استحقاق الشهداء، نعم، أعطوا الحقوق لذويهم. أيضًا توجد رعاية خاصة من كتائب سيد الشهداء لعوائل الشهداء من ناحية أبنائهم في المدارس، والسكن، والمساعدات، وتسهيل أمورهم في الدوائر. لدينا زيارات مستمرة لهم، وذوو الشهداء يتواصلون مع قيادات الكتائب عندما يحتاجوننا؛ نتلقى اتصالاتهم ونتجاوب فورًا. الأخوة في مؤسسة الشهداء والجرحى أيضًا يقومون بواجبهم بكامل المسؤولية.
جرحى الحشد الشعبي أنهم “عنوان للتضحية والصمود”، يُقال إن لديهم معاناة متعددة الأوجه لسفرهم خارج العراق لتلقي العلاج.. ممكن تحدثنا عن تلك المشاكل؟ ومن يتحمل مسؤولية هذا التقصير؟
- بالنسبة إلى «كتائب سيد الشهداء»، أخرجنا الكثير من الجرحى إلى خارج العراق سواء في إيران أو لبنان وحتى الهند، واستمر هذا البرنامج لمدة طويلة. توجد جهة معنية في هيئة الحشد الشعبي تباشر وتأخذ على عاتقها تقدير الحالات التي تستحق العلاج خارج العراق بالتنسيق مع وزارة الصحة وبإمكانيات الحشد الشعبي. أما مشاكل بعض الإخوة الجرحى، فسببها أنهم ليسوا مرتبطين بجهة معينة، وتُعتبر هذه معاناة. منهم متطوعون في حشد الدفاع وجهات أخرى، وللأسف هؤلاء لم يتكفل بهم أحد بالكامل، وحتى حقوق الشهداء لا تزال بها تأخير وعدم صرف للكثير. أما الذين يحسبون بالالتزام والارتباط مع الفصائل والجهات الأخرى، فلديهم كافة الحقوق. لكن بالرغم من إعطاء الحقوق، هذا لا يعني عدم وجود تقصير.
البعض يقول إنكم تخليتم عن سوريا وعن مرقد السيدة زينب -عليها السلام-.. نريد من حضرتك إجابةً مطمئنةً ومريحةً للآخرين. وممكن توضح لنا الأحداث في يوم وليلة تمت السيطرة على سوريا من قبل الإرهابيين وانسحاب كامل لفصائل المقاومة في سوريا؟
- فيما يتعلق بسوريا، توجد تعقيدات كثيرة بعضها سياسي وتدخل دولي. بالنسبة إلى فصائل المقاومة العراقية، انسحبت من سوريا منذ زمن وأنهت المهام، وحفظ الأمن والاستقرار في سوريا هو مسؤولية الأجهزة الأمنية والجيش السوري. نعم، كانت هناك مناطق شيعية في سوريا ذهبت إليها الفصائل المقاومة العراقية لحماية المكون الشيعي؛ لأنهم تعرضوا للكثير من المضايقات والقتل والتهجير، فالمقاومة ذهبت من أجل حمايتهم وحماية المقدسات ومرقد السيدة زينب -عليها السلام-، لأن المكون الشيعي في ذلك الوقت كان مستضعفًا من قبل الإرهابيين. في الأحداث الأخيرة بعد استحواذ ما يُسمى “قوات الجولاني”، كانت المفاجئة بانسحاب وانهيار الجيش السوري وتسليم أسلحته دون معركة. المفاجئة الكبرى أن هناك بعض الجهات لها علاقات مع “الروس” في الشام؛ هذه الجهات تحركت وأسقطت النظام قبل دخول قوات هيئة التحرير. وبالتالي، بعد هذه الأحداث لا يمكن البقاء في سوريا لأي شخص أو جهة؛ لأن ليس هناك معركة يُخاضها أحد، والأرض ليست لنا، والجيش استسلم مع تسليم أسلحته. أما بالنسبة إلى مرقد السيدة زينب -عليها السلام-، أعتقد أن التزامات حصلت بشكل غير مباشر مع دول أخرى، واتُفِقَ مع جماعة الجولاني بشكل غير مباشر بعدم التجاوز على المرقد والمكون الشيعي. وإن لم يُلتزم بهذا الاتفاق، فالجميع يتحمل المخاطر. هيئة الشام ليست واحدة، بل أكثر من 20 فصيلًا؛ فإن التزم عشرون وانفرد البعض بالتجاوزات، فهذا التجاوز يقع على الجميع. وما يحصل من قتل وتهجير -وإن كان بأعداد قليلة- يُعتبر اعتداءً وجريمةً، وهذه الاعتداءات لا تُنسب إلى جهة معينة بل إلى الجميع، وهذا دليل على عدم التزامهم بحقوق الإنسان وقمعهم للطوائف.
ما هو مصير المقاومة في لبنان بعد استشهاد السيد حسن نصر الله والقادة الآخرين؟
- حزب الله مؤسسة كبيرة ذات تخطيط وإدارة قوية. ما يحصل في لبنان من استهداف بعض المخازن والعُدَّات واستشهاد قادة كبار في المقاومة اللبنانية لا يعني استضعاف حزب الله، بل العكس؛ اشتدت عزيمتهم وتسارعوا إلى المعارك. حتى في زيادة الشهداء، لو استذكرنا المواقف السابقة: إسرائيل تهاجم وتقصف وتحتل، ولم تنتهِ المقاومة. الطامحون لإنهاء حزب الله والمقاومة يحلمون بأحلام لم تتحقق. الأحداث الأخيرة في سوريا لقطع الإمدادات عن المقاومة اللبنانية لم تؤثر؛ توجد بدائل كثيرة، وحزب الله لديه إمكانيات لتصنيع الأسلحة ومخزونٌ من العُدَّة يفوق ما يتصوره الآخرون بعشرات المرات.
بما يخص “حل الحشد الشعبي”، بعض الأصوات تتعالى من ناشطين -مدفوعي الثمن- يروجون بين فترة وأخرى لحل الحشد، خاصة بالتزامن مع الأحداث التي مرت بها سوريا. ما رأيكم بهذه الأصوات؟
- أنطلق من كلمة الحاج أبو آلاء الولائي في إحدى تغريداته: «الحشد لا يُحَل، بل الحشد هو الحل». الحشد اليوم مؤسسة رسمية مرتبطة بالمؤسسة الأمنية العراقية والقائد العام للقوات المسلحة، ومُشرَّعٌ بقانون. الحشد انطلق من فتوى عظيمة أطلقها المرجع الأعلى السيد علي السيستاني -حفظه الله- بوجوب الجهاد ضد الإرهاب. نحن لا نتحدث عن وظائف شاغرة، بل عن نهضة شعبية استجابةً للفتوى. الحشد يُشكِّل اختصاصات نوعية في المؤسسات الأمنية، وشارك في أشرس المعارك. لا عاقلَ يفكر بحل الحشد، أما الدعوات من أعداء العراق فلا تؤخذ بها. من يحرص على أمن العراق عليه أن يدافع عن الحشد.
هل تعتقد إن إيران خسرت قوتها بعد الأحداث الأخيرة في سوريا ولبنان؟
- إيران قوية ولم تخسر المعركة. لو تابعتم تصريحات “ترامب” الأخيرة؛ يخشى من إيران ويعترف بقوتها. نعم، خسرت إيران بعض المواقع الجغرافية في سوريا، لكن المقاومة باقية في اليمن ولبنان والعراق، ولديها وسائل قوة للدفاع عن نفسها.
كلمة أخيرة.. ماذا تحب أن تقول؟
- أقول: علينا أن نثق بالله سبحانه وتعالى وبقياداتنا، وأن هذه الانهزامية عند البعض هي خوفٌ شخصي. لو كان محور المقاومة ضعيفًا لتم استهدافه بالكامل، لكنه قويٌ ويفرض شروطه. اليوم محور المقاومة صاحب الكلمة العليا أمام العدوان.