إن خطة الجنرالات خطة شيطانية لها ابعاد استراتيجية مدمرة على قطاع غزة عسكريا واقتصاديا لكنها تبقى حلم من احلام المحتلين ووهم من اوهامهم التي ستبدد على ارضية صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الواعية والمضحية والباسلة والمنتصرة بعون الله تعالى.
منذ نحو شهرين تقريبا،شرعت الوية وكتائب عسكرية ” إسرائيلية ” في تنفيذ عدوان واسع على منطقة شمال قطاع غزة وخصوصا محافظة شمال القطاع والتي تضم كل من بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا ومخيم جباليا والتوام العطاطرة والسودانية وتل الزعتر وغيرها من التجمعات الفلسطينية، تنفيذا لخطة ما يسمى “الجنرلات” التي اقترحها رئيس ما يسمى المجلس الامني الاسرائيلي السابق الجنرال “غيورا ايلاند ” على نتنياهو واقرها جمع من الجنرالات، وهي تشمل اضافة للتجمعات الفلسطينية المذكورة محافظة مدينة غزة الكبرى وما حولها من ضواحي حتى منطقة ما يعرف بخط “نتساريم” الذي يفصل محافظتي شمال غزة عن محافظات وسط وجنوب القطاع.
وحتى يمكن تحقيق الهدف المنشود من هذه الخطة وهو افراغ السكان الفلسطينيين تماما من المنطقة المستهدفة بمحافظتيها، كان لا بد من تقسيم التنفيذ لمرحلتين، الاولى محافظة شمال غزة، والثانية محافظة غزة المدينة وضواحيها ومخيماتها، ورغم الحرب المسعورة على القطاع والتي بدأت في السابع من اكتوبر من العام الفائت، الا ان هذه المناطق بقي فيها ما يناهز أربعمائة الف فلسطيني، وهم يشكلون سدس عدد سكان قطاع غزة، نصفهم في شمال الشمال، ونصفهم الاخر في غزة وضواحيها، لذلك بدأت المرحلة الاولى منذ نحو ستين يوما بتركيز كبير على منطقة محافظة الشمال وخاصة بيت لاهيا ومخيم جباليا وجباليا بالذات كونهما يضمان اكبر تجمع في المنطقة المستهدفة في مرحلتها الاولى، ولكون تمكن كتائب الشهيد عزالدين القسام من اعادت ترتيب تشكيلاتها في تلك المناطق بالرغم من تعرضها للهجوم ثلاث مرات سابقة خلال مدة الحرب التي دخلت في الشهر الرابع عشر، حيث تشير التوقعات لوجود خمس الاف مقاتل في تلك المناطق، كما شرعت قوات الاحتلال لا قامة خط فاصل مشابه لخط نتساريم يقسم محافظة شمال غزة عن محافظة مدينة غزة وضواحيها يمتد من منطقة السودانية شرقا حتى البحر المتوسط غربا مرورا بجنوب مخيم جباليا وشمال مخيم الشاطئ.
لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا:- ما هو الهدف من هذه الخطة ؟
للإجابة على هذا السؤال،لا بد من النظر للأهداف الاستراتيجية للعدوان على غزة، والتي لم يتحقق من المعلن منها أي هدف بشكل كامل، تلك الاهداف التي رفعها نتنياهو عند اندلاع العدوان، كما انه وكالعادة تكون هناك اهداف معلنة واهداف مخفية لاي حرب تجري تحقق خطط العدو، او ربما يسعى لتحقيقها معتمدا ومراهنا على القوة الباطشة والغاشمة، ويمكن تحديد تلك الاهداف بثلاث اهداف كبرى ، واحد أمني عسكري سياسي، وهدفين اقتصاديين كبيرين.
- اما الهدف الامني والعسكري والسياسي، فهو افراغ تلك المناطق على مرحلتين والاستلاء عليها نهائيا، لغرض ابعاد المسافة بين السكان الفلسطينيين ومقاوماتهم عن المدن والمستوطنات والمعسكرات “الاسرائيلية ” بعمق اضافي يتجاوز العشرة كيلومترات، او اثني عشر كيلومترا، وابعاد سكان المنطقة الى محافظات الوسط والجنوب لايجاد اكتظاظ اضافي في اكثر مناطق العالم اكتظاظا، فإذا كان الوضع الاصلي لنسبة الاكتظاظ في غزة قبل الحرب كان 66 مواطن لكل كيومتر مربع، سيصبح بعد نجاح الخطة، 98 مواطن لكل كيلومتر واحد، طبعا شامل الطرقات والخدمات والمتطلبات الأخرى، وهذا الامر في حال نجاحه لا سمح الله يشكل ضغطا انسانيا غير مسبوق على وجه المعمورة ، وربما تنفتح شهية المحتل على استكماله بنسخ اخرى لغرض جعل الحياة مستحلية في كل القطاع، وبالتالي ينفجر الفلسطينيون نحو سيناء او ناحية البحر طلبا للهجرة حسب ما تتمنى الخطة الشيطانية.
- الامر الثاني اقتصادي وهو السيطرة على حقل مرينا 2 الغازي والذي يقع على بعد 30 كيلومترا في بحر غزة على الحدود البحرية بين القطاع و”اسرائيل”، وهذا الحقل يحوي ترليون واربعماية مليون متر مكعب من الغاز، وهو ثروة يسيل لها لعاب “الاسرائيليين”. وإن لم يكن المصادرة التامة له، ربما يتم الاستحواذ على نتاج بيعه لتعويض “اسرائيل” مما اصابها من المقاومة من خسائر، وسيكون ذلك لأجل طويل، قد لا ينتهي الا بإنتهاء مخزون ذلك الحقل.
- الامر الثالث تنفيذ مشروع قناة بن غوريون، ذلك المشروع الذي يقضي بربط البحر الابيض المتوسط من اقصى نقطة في جنوبه الواقع جنوب عسقلان وصولا الى البحر الاحمر في منطقة “ايلات” ام الرشراش، ليكون مشروعا بحريا منافسا لقناة السويس في مصر، يؤمن ربط اوروبا والغرب تجاريا بالشرق الاسيوي، وستكون القناة بشعبتين واحدة ذهاب، والاخرى اياب، وذلك للمنافسة وتسهيل المرور، ويعتقد” الاسرائيليون” أن منطقة شمال القطاع بعد افراغها تماما من سكانها حسب الخطة المذكورة ستكون الافضل، اضافة لذلك ستشكل عائق أمني مائي يفصل جنوب غرب اسرائيل عن قطاع غزة بحجمة المستحدث.