وأكّد سماحته أنّ العدوّ الصهيوني ارتكب خطئًا عظيمًا وجريمة كُبرى، ويجب أن يُعاقب، وهو يلاقي جزاءه، وبعد أن شدّد قائد الثورة الإسلاميّة على عدم رضوخ الشعب الإيراني لأيّ نوع من أنواع الفرض، أشار إلى أنّ أمريكا تعلم بأنّ أيّ تدخّل لها في هذه القضية سيكون في ضررهم بنسبة مئة بالمئة، وأنّ ما ستتكبده من خسائر في هذا الصدد سيكون أكثر بكثير مما قد تتكبده إيران.
طهران – آماج الإخبارية
ألقى قائد الثورة الإسلامية في إيران، سماحة الإمام السيد علي الخامنئي، خطابًا بارزًا تطرق فيه لعدة محاور رئيسية تتعلق بالأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد وردود الفعل الإقليمية والدولية، مع التركيز على دور الشعب وإصراره. وفيما يلي أبرز محاور الخطاب بصيغة مهنية:
1. الإشادة بالحكمة والشجاعة الجماهيرية:
- وصف القائد: سلوك الشعب الإيراني خلال الأحداث الأخيرة بأنه “رصين وشجاع ومدرك للحظة”، مؤكدًا أنه أثبت نضجه ووعيه.
- مظاهر التلاحم: أشاد الإمام الخامنئي بشكل خاص بالتجمعات والمظاهرات الحاشدة التي شهدتها البلاد، لاسيما في يوم عيد الغدير وفي صلوات الجمعة وما تلاها من مسيرات، واصفًا إياها بـ”الحركة العظيمة” التي قدمت للعالم صورة حية عن إرادة الشعب.
- الروحانية والعقلانية: أكد على تمازج “الرسوخ العقلي والروحاني” مع “الشجاعة وحسن التوقيت” كسمات مميزة للشعب الإيراني، معتبرًا هذه القدرات المعنوية والمادية نعمة من الله.
- تكريم رمزي: خص بالذكر الفعل “الجميل والمعبّر” لإحدى المذيعات التلفزيونية أثناء تغطية الأحداث، مشيدًا بتكبيرها وإظهارها لقوة الشعب أمام ما وصفه بـ”غطرسة العدو”، واصفًا الحادثة بأنها “تاريخية وقيّمة للغاية”.
2. تحليل الهجوم الإسرائيلي وموقف أمريكا:
- توقيت الهجوم و”الخباثة”: أشار الإمام الخامنئي إلى أن الهجوم الذي وصفه بـ”الأبله والخبيث” للكيان الصهيوني على إيران جاء في وقت كانت فيه الحكومة الإيرانية “منشغلة بالتفاوض غير المباشر وعبر الواسطة مع الطرف الأمريكي”، مؤكدًا عدم وجود أي مؤشر من الجانب الإيراني على نية لتحرك عسكري حاد.
- اتهام أمريكا بالمشاركة: قال إن مشاركة الولايات المتحدة في هذه “الحركة الخبيثة” كانت متوقعة منذ البداية، مشيرًا إلى أن التصريحات الأمريكية الأخيرة “تعزز هذا التوقع يومًا بعد يوم”.
- موقف الشعب الثابت: أكد أن الشعب الإيراني “يتصدى بصلابة للحرب المفروضة” كما “يتصدى بصلابة للسلام الذي يريدون فرضه”، ورفضه للإملاءات الخارجية.
- دور النخبة الإعلامية والثقافية: دعا أصحاب الفكر والقلم والبيان، خاصة من لهم تواصل مع الرأي العام العالمي، إلى توضيح هذه الحقائق ومنع العدو من “قلبها عبر دعاياته الخادعة”.
- التأكيد على العقاب والرد الإيراني: وصف هجوم العدو الصهيوني بأنه “خطأ جسيم وجريمة كُبرى” يستحق العقاب. وأكد أن هذا العدو “ينال قصاصه الآن” من خلال الرد الإيراني الذي نفذته القوات المسلحة، والذي وصفه بأنه “عقوبة قاسية أضعفته”. واستدل على ضعفه بـ”تدخل أصدقائه الأمريكيين في الساحة وتصريحاتهم”.
3. الرد الحازم على التهديدات الأمريكية:
- رفض التهديدات والاستسلام: رد الإمام الخامنئي بشدة على التهديدات التي وردت على لسان الرئيس الأمريكي والطلب “السخيف والمرفوض” الذي حمله هذا الرئيس للشعب الإيراني بـ”الخضوع”. ووصف هذا الطلب بأنه “ليس بكلام عاقل”.
- عدم جدوى التهديدات: استند في رده إلى قوله تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران، 139)، مؤكدًا أن الشعب الإيراني أثبت أنه “لا يرتعد أمام تهديدات المهدّدين” وأن هذه التهديدات لا تؤثر في سلوكه أو فكره.
- طبيعة الشعب الإيراني: أكد أن “الشعب الإيراني عصيّ على الاستسلام”، مشيرًا إلى أن منطق وروحية الشعب تقوم على عدم الاعتداء وعدم قبول الاعتداء وعدم الاستسلام له. وتساءل: “لأيّ شيء يستسلم؟!”.
- تحذير أمريكا من العواقب: حذر القيادة الأمريكية، التي وصفها بأنها “على دراية بسياسات المنطقة”، من أن دخول أمريكا عسكريًا في هذا الصراع سيكون “في ضررهم بنسبة مئة بالمئة”، وستكون خسائرها “أكثر بكثير مما قد تتكبده إيران”، مؤكدًا أن خسارتها ستكون “لا يمكن تعويضها بلا شك”.
- توجيهات للشعب والمسؤولين: طلب من الشعب الإيراني:
- عدم إظهار الخوف أو الضعف للعدو “لأنه إذا شعر بذلك فلن يترككم أبدًا”.
- الاستمرار في نفس السلوك القوي الذي أظهره حتى الآن.
- وضع الآية الكريمة {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (آل عمران، 126) نصب الأعين.
- دعا المسؤولين الخدميين والإعلاميين إلى أداء واجباتهم “بقوة” والاستمرار فيها والتوكل على الله، معربًا عن يقينه بأن “الله المتعالي سينصر الشعب الإيراني والحق والحقيقة قطعًا ويقينًا إن شاء الله”.
واختتم الإمام الخامنئي خطابه بالسلام.
كلمة الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم
أحيّي الشعب الإيراني العظيم.
الموضوع الأوّل الذي أود الحديث عنه هو الإشادة بسلوك شعبنا العزيز في القضية التي تعرّضت لها البلاد أخيرًا على يد الأعداء؛ لقد أثبت الشعب الإيراني أنّه رصين وشجاع ومدرك للحظة، وكانت الحركة التي قدّمها الناس يوم عيد الغدير إلى العالم حركة عظيمة: تجمّعات الشعب ومَسيراتهم في الأيام الماضية، حضورهم في صلوات الجمعة وما تلاها من مَسيرات، كلّها دلائل على نضج الشعب الإيراني، رسوخ العقلانية والروحانية إلى جانب الشجاعة وحسن التوقيت لدى شعبنا العزيز.
أشكر الله أنْ منح هذا الشعب المؤمن مثل هذه القدرات والإمكانات المعنوية والمادية، بحمد الله. وهنا أجد من الضروري الإشارة إلى الفعل الجميل والمعبّر الذي صدر عن تلك السيّدة المذيعة في التلفزيون أمام غطرسة العدوّ: تكبيرها وإظهارها قوّة الشعب إلى العالم أجمع؛ كانت هذه حادثة تاريخية وقيّمة للغاية.
الموضوع الثاني هو أنّ هذه الحادثة، حادثة الهجوم الأبله والخبيث للكيان الصهيوني على بلدنا وقعت في حين كان المسؤولون الحكوميّون منشغلين بالتفاوض غير المباشر وعبر الواسطة مع الطرف الأمريكي. لم يكن هناك أيّ موضوع من قِبَل إيران يُؤشّر على وجود خطوة عسكريّة أو تحرّك حادّ وقاسٍ.
طبًعا، كان من المُتوقّع منذ البداية أن تكون أمريكا شريكة في هذه الحركة الخبيثة للكيان الصهيوني، لكن مع هذه التصريحات التي يطلقها هؤلاء أخيرًا، فإنّ هذا التوقّع يتعزّز يومًا بعد يوم. الشعب الإيراني يتصدّى بصلابة للحرب المفروضة، كما تصدّى حتى الآن، ويتصدّى بصلابة للسلام الذي يريدون فرضه.
لا يرضخ الشعب الإيراني في مواجهته الإملاءات لأيّ أحد. أتوقّع أن يُبيّن هذه المعاني والمفاهيم أصحاب الفكر والقلم والبيان، خاصّة مَن لديهم تواصل مع الرأي العام العالمي، وأن يشرحوها للجمهور. يجب ألّا يسمحوا للعدو بقلب الحقائق عبر دعاياته الخادعة. العدوّ الصهيوني ارتكب خطئًا جسيمًا وجريمة كُبرى، ويجب أن يُعاقب، وهو يلاقي جزاءه؛ إنّه ينال قصاصه الآن.
إنه ينال عقابه الآن. العقوبة التي أنزلها الشعب الإيراني وقواتنا المسلحة بهذا العدوّ الخبيث، والتي يُنزِلونها به الآن، والتي أعدّوا لها خططًا للمستقبل، هي عقوبة قاسية أضعفته. حتى إنّ تدخّل أصدقائه الأمريكيين في الساحة وتصريحاتهم، دليل على ضعفه وعجزه.
أمّا الموضوع الأخير، فهو أنّ الرئيس الأمريكي قد تفوّه بتهديدات؛ إنه يهدّدنا، وفي الوقت نفسه، وبأسلوب سخيف ومرفوض، يطلب من الشعب الإيراني بنحو صريح أن: اخضعوا لي. حين يرى المرء مثل هذه الأشياء، يتعجّب حقًا. أولاً إنّ التهديد يُوجَّه لمن يخاف من التهديد، أمّا الشعب الإيراني فقد أثبت أنّه لا يرتعد أمام تهديدات المهدّدين.
{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (آل عمران، 139). إن التهديدات لا تؤثر في سلوك الشعب الإيراني ولا في فكره. وثانيًا، أن يُقال للشعب الإيراني تعالوا واستسلموا، فليس هذا بكلام عاقل. الحكماء الذين يعرفون إيران، ويعرفون الشعب الإيراني، ويعرفون تاريخ إيران، لن يتفوّهوا بمثل هذا الكلام أبدًا. لأيّ شيء يستسلم؟!
الشعب الإيراني عصيّ على الاستسلام. نحن لم نعتدِ على أحد، ولا نقبل بأيّ حال من الأحوال اعتداء أيّ أحد، ولن نستسلم لاعتداء أيّ شخص. هذا هو منطق الشعب الإيراني، هذه هي روحية الشعب الإيراني. بالطبع، الأمريكيون الذين هم على دراية بسياسات هذه المنطقة، يعلمون أن دخول أمريكا في هذه القضية سيكون في ضررهم بنسبة مئة بالمئة. ما ستتكبده من خسائر في هذا الصدد سيكون أكثر بكثير مما قد تتكبده إيران. ستكون خسارة أمريكا إذا دخلت هذا الميدان – إذا دخلت عسكريًا – خسارة لا يمكن تعويضها بلا شك.
أطلب من شعبنا العزيز أن يضع دائمًا هذه الآية الشريفة نصب أعينه. الحياة، بحمد الله، تسير على نحو طبيعي. لا تدعوا العدو يشعر بأنكم تخافون منه، أو أنكم تشعرون بالضعف. إذا شعر العدو بأنكم تخافون منه، فلن يترككم أبدًا. استمروا بالسلوك عينه الذي اتبعتموه حتى اليوم، استمروا في هذا الأداء بقوة. والذين يتولون الأمور الخدمية، والذين يتعاملون مع الناس، والذين يتولون الأمور الإعلاميّة والتبيينية، فليؤدّوا واجبهم بقوة وليستمروا فيه، وليتوكلوا على الله المتعالي: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (آل عمران، 126). الله المتعالي سينصر الشعب الإيراني والحق والحقيقة قطعًا ويقينًا إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله