وافق جيش الإحتلال الإسرائيلي على خطة معدَّة لاجتياح برّيّ يعتزم الاحتلال تنفيذه في رفح، المدينة التي تشكّل ملاذا أخيرا للنازحين من الحرب على قطاع غزة، بحسب ما أفاد تقرير صحافي إسرائيليّ.
وعلى الرغم من التحذيرات الأممية بشأن الهجوم الإسرائيليّ الوشيك على رفح؛ أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للجيش، بتجهيز خطة لإخلاء السكان من رفح، وبدء عمليّة فيها، بحسب ما أفاد بيان صدر عن مكتبه الجمعة؛ وهو ما شدّدت الرئاسة الفلسطينية على أنه يشكّل تهديدا حقيقيا، ومقدمة خطيرة لتنفيذ السياسة الإسرائيلية المرفوضة التي تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية العامّة (“كان 11”)، أن تل أبيب أبلغت “عددا من دول المنطقة” والولايات المتحدة، أنها تستعد لبدء عملية عسكرية في منطقة رفح.
وبحسب ما أوردت القناة الإسرائيلية 12، فقد “صادق الجيش الإسرائيلي بالفعل على الخطة المعدة للمناورة (اجتياح) البرية في رفح، والتي تتضمن أيضًا إشارة إلى إخلاء المدنيين من هناك”.
ووفقا لتقرير “كان 11” فإنه “نظرا لمطالب مصر والولايات المتحدة، فإن العملية البرية في رفح لن تبدأ إلا بعد استيفاء شرطين: إخلاء واسع النطاق للمواطنين من رفح ومحيطها، واتفاق بين إسرائيل ومصر، بشأن عملية الجيش الإسرائيلي ضد الأنفاق محور فيلادلفيا”.
وفي حين أشارت “كان 11” إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بدأت في صياغة خطة لإخلاء السكان من رفح؛ ذكرت أنها “تدرس خيارين: إجلاء السكان إلى خانيونس شمال رفح، أو السماح بعودة عشرات الآلاف من سكان غزة إلى مجمّعات مخصّصة لهم شمالي القطاع”.
وبحسب التقرير، فقد وضع الكيان الإسرائيلي خطة مفصَّلة، وصفت بأنها “تجربة أولية”، من شأنها أن تتيح عودة عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمالي القطاع، تبدأ بإنشاء مجمّعات في عيادات ومدارس ومخابز.
وأضافت أنه سيتمّ لاحقا، إنشاء “مدينة خيام” قريبة. وبعد ذلك، سيتم إدخال المواد الغذائية والمياه والمساعدات الإنسانية بشكل منتظم من خلال حاجزي “إيرز” و”كارني”.
ووفق هيئة البثّ الإسرائيلية، فإنه سيتمّ بعد ذلك، “نقل مسؤولية المنطقة إلى مسؤولين محليين في غزة (ليسوا من حماس)، وهي خطوة يتعامل معها منسق العمليات الحكومية في المناطق (المحتلة)”.
وبحسب ما أوردت القناة الإسرائيلية 12، فقد كان نتنياهو ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، قد ناقشا قبل أيام، استمرار العملية العسكرية في القطاع.
ولفتت القناة إلى أن خلافا نشب بين الاثنين، بشأن إيعاز نتنياهو للتحضير للبدء بعملية في رفح، إذ حثّ نتنياهو الجيش الإسرائيلي على “إيجاد حلول سريعة لهذه القضية”، فيما أكد هليفي أن الجيش لديه خطة، ولكن “هناك حاجة إلى ظروف مواتية”.
ولفت نتنياهو خلال نقاشهما إلى أن الوقت ضيّق، وأن تفكيك كتائب حماس في رفح، يجب أن يتمّ قبل شهر رمضان المقبل.
وردَّ هليفي بأن الجيش “يُعدّ خطة”، وأشار إلى التفاصيل التي لا تزال غير مكتملة، وهي ضرورة إخلاء سكان غزة الذين تم إجلاؤهم إلى رفح، والتفاهمات مع القاهرة بشأن محور فيلادلفيا.
وبحسب القناة 12، فإن نتنياهو كان قد أشار في اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى أن العملية في المنطقة، ستبدأ خلال أسبوعين.
تعزيز القوات المصريّة بـ40 دبّابة وناقلة جند
وفي سياق ذي صلة، نقلت وكالة “رويترز” نقلا عن مصدرين أمنيين مصريين، أن القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء في الأسبوعين الماضيين في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة.
وتنتشر القوات قبل توسيع الاحتلال عملياته العسكرية لتشمل مدينة رفح بجنوب غزة التي نزح إليها أغلب سكان القطاع بحثا عن ملاذ آمن مما فاقم مخاوف مصر من احتمال إجبار الفلسطينيين على الخروج بشكل جماعي من القطاع.
وذكرت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات في الشهر الماضي، تفاصيل عن بعض التدابير التي اتخذتها مصر على حدودها ردا على تلميحات إسرائيلية إلى أن حماس حصلت على أسلحة مهربة من مصر. وأضافت الهيئة أن ثلاثة صفوف من الحواجز تجعل من المستحيل تهريب أي شيء من فوق الأرض أو تحتها.
وأظهرت صور من مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مستقلة، ما يبدو أنه بناء الجدار في كانون الأول/ ديسمبر، مع وجود عدة حواجز رملية خلفه.
وتظهر الصور اللاحقة التي قالت المجموعة إنها التقطت في أوائل شباط/ فبراير، ما يبدو أنها ثلاث طبقات بعضها فوق بعض من الأسلاك الشائكة الملفوفة فوق الجدار. ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من الصور.
وأظهرت صور بالأقمار الصناعية التقطت في كانون الثاني/ يناير وكانون الأول/ ديسمبر بعض الإنشاءات الجديدة بطول الحدود البالغة 13 كيلومترا قرب رفح، وامتداد الجدار حتى حافة البحر على الطرف الشمالي من الحدود.
ونقلت “رويترز” عن مسؤول إسرائيلي أن مناقشة منتظمة تجري بين تل أبيب والقاهرة حول إعادة هيكلة الأمن على الحدود التي قال إنه ما زال بها عدد صغير من الأنفاق.
وأضاف المسؤول أن إسرائيل ستحاول تنظيم انتقال النازحين الفلسطينيين نحو شمال غزة، قبل أي عملية عسكرية هناك.
وقلّلت مصادر أمنية مصرية من شأن أي مناقشات وقالت إنها تعطي الأولوية لجهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. ووصفت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات الاتهامات بالتهريب بأنها “أكاذيب” تستهدف تغطية رغبة إسرائيل في احتلال المنطقة الحدودية العازلة، المعروفة باسم ممر فيلادلفيا.