كشفت دراسة حديثة عن التأثيرات الصحية المقلقة للبلاستيك الدقيق الذي ينتج سنويا بمعدل يزيد عن 460 مليون طن في جميع أنحاء العالم.
توصل الباحثون إلى روابط قوية بين هذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة ومجموعة من الأمراض الخطيرة، مثل العقم وسرطان القولون وضعف وظائف الرئة.
وفي الدراسة، راجع فريق البحث من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، 3000 دراسة علمية تناولت تأثير البلاستيك الدقيق على الصحة.
وأظهرت النتائج أن هذه المواد الصغيرة، التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، تتسلل إلى الهواء والتربة والطعام والماء، وحتى إلى أجسامنا. ومع ذلك، يمكن أن يدخل البلاستيك الدقيق إلى الجسم دون علمنا عبر التنفس أو الأكل أو الشرب.
ورُبط البلاستيك الدقيق بعدد من التأثيرات الصحية السلبية. ففي الجهاز الهضمي، وجد الباحثون علاقة بين هذه الجزيئات وتطور سرطان القولون، حيث تتسبب في تعطيل الطبقة المخاطية الواقية في القولون، ما يعزز نمو الأورام. كما تم رصد تأثير البلاستيك الدقيق على الجهاز التناسلي، حيث يؤثر على التوازن الهرموني ويقلل من جودة الحيوانات المنوية ويؤثر على المبايض والمشيمة. وأظهرت بعض الدراسات وجود البلاستيك في المشيمة، وهو ما ارتبط بانخفاض الوزن عند الولادة وزيادة خطر الولادة المبكرة.
ومن جانب آخر، عُثر على روابط بين البلاستيك الدقيق وضعف وظائف الرئة، حيث تؤدي الجزيئات إلى التهاب في مجاري الهواء، ما يساهم في تطور الأمراض التنفسية المزمنة، مثل التهاب الرئة وسرطان الرئة.
وأوضح الباحثون أن البلاستيك الدقيق لا يقتصر على التواجد في الأماكن الحضرية أو المناطق الصناعية، بل تم العثور عليه في بيئات نائية مثل القارة القطبية الجنوبية والمحيطات العميقة. وهذه الجزيئات، بسبب حجمها الصغير، يسهل دخولها إلى الجسم وانتشارها داخل الأنسجة، حيث يمكن أن تترسب في أماكن، مثل الكبد والمشيمة وحليب الأم.
وقد حذر الباحثون من أن إنتاج البلاستيك في العالم سيتضاعف بحلول عام 2060 ليصل إلى 1.1 مليار طن، ما يزيد من المخاوف بشأن تأثيراته الصحية الخطرة.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل صناع القرار للتقليل من التعرض لهذه المواد الخطرة.
وقالت تريسي جيه وودروف، المعدة الرئيسية للدراسة، إن البلاستيك الدقيق يشكل نوعا من تلوث الهواء بالجسيمات، الذي يعتبر مضرا جدا للصحة.
وأضاف الدكتور نيكولاس شارترز، المعد الأول للدراسة، أن الدراسات تؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات تنظيمية فورية للحد من انتشار البلاستيك الدقيق وتخفيف أضراره على الصحة العامة.
ونشرت هذه الدراسة في مجلة ACS Publications Environmental Science & Technology.
كيف يدخل البلاستيك الدقيق إلى الجسم؟
- عن طريق الطعام والماء:
- البلاستيك الدقيق موجود في المياه المعبأة والمياه الجوفية وحتى في المأكولات البحرية مثل الأسماك والمحار.
- عن طريق الهواء:
- استنشاق الجزيئات البلاستيكية الدقيقة من الغبار والألياف المحمولة في الهواء.
- عن طريق مستحضرات التجميل:
- بعض المنتجات تحتوي على جزيئات بلاستيكية صغيرة تُستخدم في التقشير والتنظيف.
تأثير البلاستيك الدقيق على الصحة:
- الجهاز الهضمي:
- البلاستيك الدقيق يمكن أن يتراكم في الجهاز الهضمي، مما يسبب التهابًا واضطرابًا في ميكروبيوم الأمعاء، وهو التوازن الطبيعي للبكتيريا النافعة.
- الإجهاد التأكسدي والالتهابات:
- البلاستيك الدقيق يحتوي على مواد كيميائية مثل الفثالات والبولي فينيل التي تُطلق مواد سامة في الجسم.
- يؤدي إلى إجهاد تأكسدي يسبب تلف الخلايا والأنسجة.
- الجهاز التنفسي:
- استنشاق البلاستيك الدقيق قد يسبب التهاب الرئة، وارتباطه بأمراض مثل الربو والانسداد الرئوي المزمن.
- التأثيرات السامة للخلايا:
- البلاستيك الدقيق قد يسبب موت الخلايا أو تغير وظائفها بسبب حجمه الصغير وقدرته على اختراق الأنسجة.
- الأمراض المزمنة:
- هناك علاقة بين التعرض للبلاستيك الدقيق وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل السرطان وأمراض القلب.
- يمكن أن يعمل كناقل للمواد السامة والمعادن الثقيلة.
- التأثير على الجهاز المناعي:
- يسبب البلاستيك الدقيق تفاعلًا مناعيًا مفرطًا أو تثبيط الجهاز المناعي، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى والأمراض.
- التأثير على الصحة الإنجابية:
- المواد الكيميائية المرتبطة بالبلاستيك الدقيق، مثل الفثالات، قد تؤثر على الهرمونات وتسبب مشاكل في الخصوبة لدى الذكور والإناث.
الأبحاث العلمية والقلق المتزايد:
- دراسات أولية أظهرت أن البلاستيك الدقيق يوجد حتى في الدم البشري والمشيمة، مما يعني إمكانية وصوله إلى الأعضاء الحيوية.
- على الرغم من أن التأثيرات طويلة الأمد لا تزال قيد الدراسة، إلا أن الأدلة تشير إلى أن التعرض المستمر للبلاستيك الدقيق يمكن أن يُشكل تهديدًا كبيرًا للصحة.
كيفية تقليل التعرض للبلاستيك الدقيق:
- تقليل استخدام البلاستيك:
- استبدال البلاستيك بأدوات قابلة لإعادة الاستخدام مثل الزجاج والفولاذ.
- شرب المياه النظيفة:
- استخدم فلاتر المياه لتقليل البلاستيك الدقيق الموجود في مياه الصنبور.
- تجنب المنتجات التي تحتوي على البلاستيك الدقيق:
- مثل مستحضرات التجميل التي تحتوي على جزيئات صغيرة.
- التقليل من تناول المأكولات البحرية الملوثة:
- تأكد من مصدر المأكولات البحرية لتجنب التلوث.
- تحسين جودة الهواء الداخلي:
- تنظيف المنزل بانتظام واستخدام أجهزة تنقية الهواء.
الخلاصة:
البلاستيك الدقيق يمثل تهديدًا محتملاً للصحة بسبب تأثيره السلبي على الأجهزة المختلفة في الجسم. مع تزايد انتشاره في البيئة، من المهم اتخاذ خطوات لتقليل التعرض له والبحث عن حلول مستدامة لمواجهة هذه المشكلة.