آخر الأخبارالمقالات

“احتلال أم حماية؟ أطماع تركيا في شمال العراق وتداعياتها المروعة”

ما تقرأهُ في هذا الخبر 🔻

تستمر تركيا في توسيع نفوذها العسكري في شمال العراق تحت ذريعة مكافحة حزب العمال الكردستاني (PKK)، مما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين وتدمير البنية التحتية. مع إنشاء أكثر من 80 قاعدة عسكرية واستخباراتية، تتهم أنقرة بانتهاك السيادة العراقية وتعزيز أطماعها الإقليمية. بينما يتعاون إقليم كردستان مع تركيا اقتصاديًّا وأمنيًّا، يغلي الشارع العراقي بالغضب، ويطالب البرلمان بحلول عاجلة لوقف هذا التوغل الذي يهدد أمن المنطقة واستقرارها

التوغل التركي في شمال العراق
التوغل التركي في شمال العراق

مقدمة:

شهدت المناطق الحدودية بين العراق وتركيا، خاصة في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، تصاعدًا في التوترات الأمنية بسبب العمليات العسكرية التركية ضد حزب العمال الكردستاني (PKK). هذه العمليات، التي بدأت منذ عقود، تسببت في تداعيات إنسانية وأمنية وسياسية خطيرة، بما في ذلك نزوح آلاف المدنيين وتدمير البنية التحتية والممتلكات. يسلط هذا التقرير الضوء على الأوضاع في المنطقة، مع تحليل شامل للأسباب، التداعيات، وآراء الشارع العراقي والإعلام المحلي، بالإضافة إلى تفاصيل دقيقة عن المعسكرات التركية وأهداف أنقرة من هذه العمليات.


1. الخلفية التاريخية والسياسية:

بدأت تركيا عملياتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق منذ الثمانينيات، مستندة إلى اتفاقيات أمنية مع الحكومة العراقية تعود إلى عام 1983. هذه الاتفاقيات تسمح لتركيا بملاحقة عناصر الحزب لمسافة 35 كيلومترًا داخل الأراضي العراقية. ومع مرور الوقت، توسعت العمليات العسكرية التركية، حيث أنشأت قواعد عسكرية دائمة داخل العراق، بدءًا من عام 1997.

أبرز العمليات العسكرية:

  • عملية مخلب النسر (2020): شنت تركيا عملية عسكرية واسعة في شمال العراق، مستهدفة مواقع حزب العمال الكردستاني.
  • عملية مخلب البرق (2021): تقدمت القوات التركية 7 كيلومترات داخل الأراضي العراقية.
  • عملية ساندويج (2024): عملية عسكرية جديدة تهدف إلى توسيع النفوذ التركي في سلسلة جبال كاره.

2. التداعيات الإنسانية:

أدت العمليات العسكرية التركية إلى نزوح آلاف المدنيين من قراهم، خاصة في المناطق الحدودية بمحافظة دهوك. وفقًا لتقارير محلية، تم إخلاء أكثر من 250 قرية، بما في ذلك قرى مسيحية مثل “شرانش” و”دشتة تاخ”.

أبرز التداعيات:

  • نزوح السكان: نزح أكثر من 170 قرية من سكانها، مع تدمير المنازل والمزارع.
  • تدمير البنية التحتية: تعرضت المدارس والمساجد والكنائس للقصف، مما أدى إلى تدميرها جزئيًا أو كليًا.
  • الأضرار الاقتصادية: فقد العديد من السكان مصادر رزقهم، خاصة المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة وتربية الماشية.

3. التداعيات الأمنية:

أدت العمليات العسكرية التركية إلى تفاقم الوضع الأمني في المنطقة، حيث تشهد المناطق الحدودية اشتباكات متكررة بين القوات التركية ومسلحي حزب العمال الكردستاني. كما أدى القصف الجوي والمدفعي إلى سقوط ضحايا مدنيين.

أبرز الأحداث الأمنية:

  • سقوط ضحايا مدنيين: وفقًا لمنظمات حقوقية، قُتل أكثر من 350 مدنيًا وأصيب المئات نتيجة القصف التركي.
  • إنشاء قواعد عسكرية: أنشأت تركيا أكثر من 75 قاعدة عسكرية داخل الأراضي العراقية، بعضها يضم آليات ثقيلة مثل الدبابات والمدفعية.
  • تهديد السيادة العراقية: يتهم العديد من المسؤولين العراقيين تركيا بانتهاك سيادة العراق، خاصة بعد توسع القواعد العسكرية التركية بعمق 40 كيلومترًا داخل الأراضي العراقية.

معسكرات الاحتلال التركي في العراق
معسكرات الاحتلال التركي في العراق

4. تفاصيل المعسكرات التركية:

تمتلك تركيا أكثر من 80 موقعًا عسكريًا في شمال العراق، بما في ذلك قواعد كبيرة وصغيرة موزعة بين محافظات أربيل ودهوك ونينوى. من أبرز هذه القواعد:

  1. قاعدة بامرني: أكبر قاعدة عسكرية تركية في العراق، تضم مهابط طائرات وآليات ثقيلة.
  2. قاعدة بعشيقة: تقع بالقرب من الموصل، وتستخدم للتدريب والعمليات العسكرية.
  3. قاعدة كاني ماسي: تقع في محافظة دهوك، وتستخدم لمراقبة تحركات حزب العمال الكردستاني.
  4. قاعدة زاخو: تقع على الحدود العراقية التركية، وتستخدم كمركز لوجستي للقوات التركية.
  5. قاعدة جبل متين: تم إنشاؤها حديثًا كجزء من عملية ساندويج، وتستخدم للسيطرة على المناطق الجبلية.

5. القواعد الاستخباراتية التركية:

إلى جانب القواعد العسكرية، تمتلك تركيا عدة قواعد استخباراتية في شمال العراق، تهدف إلى جمع المعلومات ومراقبة تحركات حزب العمال الكردستاني. من أبرز هذه القواعد:

  1. قاعدة آميدي الاستخباراتية: تقع في محافظة دهوك، وتستخدم لمراقبة تحركات الحزب في المناطق الجبلية.
  2. قاعدة باتوفا الاستخباراتية: تقع في منطقة زاخو، وتستخدم لجمع المعلومات عن الفصائل الكردية.
  3. قاعدة دهوك الاستخباراتية: تقع في مدينة دهوك، وتستخدم لمراقبة النشاطات السياسية والعسكرية في المنطقة.

6. أهداف تركيا من التوغل في شمال العراق:

يمكن تلخيص أهداف تركيا من عملياتها العسكرية في شمال العراق في النقاط التالية:

  • مكافحة حزب العمال الكردستاني (PKK): تعتبر تركيا أن وجود حزب العمال الكردستاني في المناطق الجبلية بشمال العراق يمثل تهديدًا لأمنها القومي، وتسعى إلى القضاء على معاقل الحزب عبر عمليات عسكرية مكثفة .
  • إنشاء منطقة عازلة: تهدف تركيا إلى إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي العراقية بعمق يصل إلى 40 كيلومترًا، لمنع تسلل عناصر الحزب إلى أراضيها .
  • تعزيز النفوذ الإقليمي: تسعى تركيا إلى تعزيز وجودها العسكري والسياسي في شمال العراق، مما يمكنها من لعب دور أكبر في المنطقة، خاصة في ظل التنافس مع إيران .
  • حماية المصالح الاقتصادية: تشكل المناطق الحدودية مع العراق جزءًا من مشاريع تركيا الاقتصادية، مثل “طريق التنمية”، الذي يهدف إلى تعزيز التجارة بين تركيا والعراق ودول الخليج .

7. تعاون إقليم كردستان مع تركيا:

أثار تعاون إقليم كردستان مع تركيا جدلًا واسعًا، حيث اتهمت بعض الأطراف السياسية الإقليم بتسهيل التوغل التركي في شمال العراق.

  • التعاون الأمني: أفادت تقارير بأن إقليم كردستان وفر معلومات استخباراتية للقوات التركية، مما ساعدها في تحديد مواقع حزب العمال الكردستاني.
  • التعاون الاقتصادي: وقعت حكومة إقليم كردستان اتفاقيات مع تركيا لتصدير النفط عبر الحدود، مما عزز العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.
  • الانتقادات المحلية: انتقد العديد من العراقيين، خاصة في المناطق المتضررة، تعاون إقليم كردستان مع تركيا، معتبرين أنه يهدد السيادة العراقية.

8. آراء الشارع العراقي والإعلام:

آراء الشارع العراقي:

أعرب العديد من العراقيين، خاصة في المناطق المتضررة، عن استيائهم من التوغل التركي، معتبرين أنه انتهاك صارخ للسيادة العراقية.

  • سكان قرى دهوك: أفاد سكان قرى مثل “كوهرزي” و”باطوفا” بأن القصف التركي أدى إلى تدمير منازلهم ومزارعهم، مما أجبرهم على النزوح. قال أحد السكان: “لم نعد نستطيع العيش بسلام، كل يوم نخشى القصف أو الاشتباكات” .
  • النازحون: عبر نازحون من مناطق العمادية وديرلوك عن غضبهم من عدم وجود حلول حكومية لحمايتهم، معتبرين أن الحكومة العراقية تتعامل بتراخٍ مع الانتهاكات التركية .

آراء الإعلام العراقي:

تناول الإعلام العراقي التوغل التركي بزوايا مختلفة، بين مؤيد ومعارض:

  • الإعلام الرسمي: أدان الإعلام الرسمي، ممثلًا ببيانات مجلس الأمن الوطني العراقي، التوغل التركي ووصفه بأنه “تجاوز للحدود المتفق عليها”، ودعا إلى احترام السيادة العراقية .
  • الإعلام المستقل: انتقدت بعض وسائل الإعلام المستقلة، مثل “العربي الجديد”، الصمت الحكومي تجاه التوغل التركي، واعتبرته “استخفافًا بالسيادة العراقية” .
  • الإعلام الكردي: أبدى الإعلام الكردي، خاصة في إقليم كردستان، قلقًا من تداعيات التوغل التركي على الأمن المحلي، معتبرًا أن وجود حزب العمال الكردستاني (PKK) يمنح تركيا ذريعة للتدخل، لكنه دعا إلى حلول دبلوماسية بدلًا من المواجهات العسكرية .

قاعة مجلس النواب العراق
آراء البرلمان العراقي والنواب

9. آراء البرلمان العراقي والنواب:

أعرب العديد من أعضاء البرلمان العراقي عن استيائهم من التوغل التركي، معتبرين أنه انتهاك للسيادة العراقية.

  • علاء الحيدري (عضو مجلس النواب العراقي): وصف التوغل التركي بـ”الاحتلال الناعم”، مؤكدًا أن تركيا تنفذ انتهاكات مستمرة دون أي مسوغ قانوني. ودعا الحكومة العراقية إلى إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع تركيا، خاصة تلك المتعلقة بالعمليات العسكرية على الحدود.
  • ريزان الشيخ (نائبة في البرلمان العراقي): قادت حملة لتوقيع 43 نائبًا على طلب استضافة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، مصطفى الكاظمي، في البرلمان لسؤاله عن التوغل التركي في إقليم كردستان.
  • يونادم كنا (عضو سابق في مجلس النواب العراقي): انتقد موقف الحكومة العراقية “السلبي” تجاه ما تتعرض له هذه المناطق من انتهاكات صارخة ضد المدنيين والمواطنين العراقيين، قائلاً: “الحكومة اكتفت بإصدار بيانات تنديد وإدانة فقط”.
  • النائب فالح الخزعلي: ان السيادة العراقية لا تتجزأ وان حماية سيادة العراق مسؤولية الجمع، مبينا انه تم جمع تواقيع نيابية لتشريع قانون لإخراج القوات الأجنبية من العراق.
    • وشدد علي رفض المساس بالسيادة العراقية من طرف تركيا او أي طرف اخر خصوصا بعد قرار مجلس النواب في 5/1/2020 الذي تم بموجبه التصويت على اخراج القوات الأجنبية من العراق”.
    • وقال النائب الخزعلي : ان “هناك 90 نقطة توغل تركية وخمسة او أربعة قواعد تركية داخل العراق”، موضحا انه “تم جمع توقيعا 80 للتصويت على اخراج القوات التركية من العراق وأحيل الى اللجنة القانونية ولجنة الدفاع النيابية وعلى الجهات الحكومية ان تهتم بالسيادة لان موضوع السيادة يهم جميع العراقيين ولا يتجزأ”.
    • وبين، ان “التواقيع النيابية تدعو لتشريع قانون لإخراج هذه القوات خصوصا مع وجود اكثر من مليون و600 الف عنصر امني اصبح لا داعي لوجود تلك القوات على الأراضي العراقية”.
    • وأشار الخزعلي الى ان “الإقليم وحكومة الإقليم معنية بخروج القوات الأجنبية وعدم السماح بدخولها بذريعة وجود جماعات تهدد الامن في تركيا وإيران”.

10. الخاتمة والتوصيات:

التوغل التركي في شمال العراق يمثل تحديًا كبيرًا للسيادة العراقية والأمن الإقليمي، مع تداعيات إنسانية وسياسية خطيرة. يتطلب الأمر حلولًا دبلوماسية وسياسية لمعالجة الأزمة، بما في ذلك:

  • تعزيز الحوار بين بغداد وأنقرة: للوصول إلى اتفاقيات تحترم السيادة العراقية وتعالج المخاوف الأمنية التركية.
  • دعم المنظمات الدولية: للضغط على تركيا لوقف عملياتها العسكرية وحماية المدنيين.
  • إعادة إعمار المناطق المتضررة: لتوفير الدعم للنازحين وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.

عنوان التقرير:

“التوغل التركي في شمال العراق: الأسباب، التداعيات، وآراء الشارع والإعلام والبرلمان وأهداف تركيا من احتلال الأراضي العراقية”

زر الذهاب إلى الأعلى