آخر الأخبارلــقــاء وحــوار

“الحاج أبو جعفر الدراجي: من ساحات الجهاد إلى بناء المجتمع.. حوار عن مركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي”

في زنازين النظام الصدامي، حيث كان الظلم يُنسج خيوطه، وُلدت إرادة رجل رفض أن ينحني. إنه الحاج أبو جعفر الدراجي، الذي قضى سنوات شبابه بين أقبية التعذيب ومحاكم النظام الوهمية، ليخرج منها مُصممًا على كتابة فصل جديد من النضال: نضال البناء بدلًا من الدمار.

اليوم، يقف أبو جعفر مديرًا لـمركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي، الذي يحمل اسم أحد أبرز قادة المقاومة، ليُحوِّل قاعاته من ساحات تدريب على الحاسوب إلى منصات تُخرّج كفاءاتٍ ترفد مؤسسات الدولة، ومن ملاذٍ للنازحين إلى قلعةٍ تحفظ تاريخ شهداء العراق.

في هذا الحوار، يُحدثنا أبو جعفر عن تحوُّلٍ فريد: من معتقلٍ سياسي إلى مُؤسسٍ لمركزٍ يُجسِّد “أن الجهاد الحقيقي يبدأ عندما تضع السلاح وتُمسك بالقلم”. كما يؤكد أن الحشد الشعبي، رغم كل الضجيج، يبقى “الدرع الذي يحمي العراق من عودة شبح الإرهاب”.

انضموا إلينا في رحلةٍ تروي كيف حوَّل سجينٌ سابقٌ ألم الماضي إلى مشروعٍ يُنير مستقبل العراق، وكيف أصبح مركز


حاورته: سجى اللامي

مركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي
مركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي

من محطة إلى أخرى سافرنا حتى استقرت رحالنا عند باب مركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي (رضوان الله عليه).
فكان لنا لقاء خاص مع الحاج المجاهد (أبو جعفر الدراجي) محمد نوري فلاح الدراجي، المؤسس الرسمي والمدير لمركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي.

وفاءً منا قمنا باستبدال اسم المركز من “المركز الإسلامي الثقافي” إلى “مركز الشهيد أبو مهدي المهندس الثقافي”.
هذا المركز يعتبر تراثًا شاهدًا على حقبة من الجهاد تمتد إلى ثمانينيات القرن المنصرم، بالإضافة إلى تضحيات المركز أنه أعطى شهداء كُثر منذ تأسيسه وخاصة في محاربة عصابات داعش التكفيرية.

أبو جعفر الدراجي رجل من آلاف العراقيين الذين رفضوا ظلم الدكتاتورية المقيتة، فحمل مع إخوانه المجاهدين أمانة وتكليف الجهاد ومقارعة النظام البعثي المقبور.

حيث ينتمي إلى عائلة دينية، وقد كان جده رحمه الله رجل دين وعلامة درس في النجف الأشرف حيث كان من مدرسة زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم (قدس سره). وكان جده معروفًا لدى العشائر العراقية في محافظة ميسان، وكانت هذه النشأة الدينية أوقدت في روح (أبي جعفر الدراجي) رفضًا للبعث. كانت شرارة هذا الرفض في سن الحادية عشرة حيث رفض الانتماء لحزب البعث، وكان عن قناعة تامة.
وبدأت رحلة المطاردة من قبل أزلام النظام المباد، حيث وُضع تحت المراقبة الدائمة.

وكان السيد قاسم المبرقع (رحمه الله) يجتمع بهم على شكل حلقات شبابية.
وقد استمر عمله الجهادي ومشاركته في مظاهرة انطلقت من مدينة الصدر عند اعتقال السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)، وبعدها توالت عليه سلسلة من المطاردات بدأت عام ١٩٨١ إلى عام ١٩٨٧، تم اعتقاله لمدة ثلاثة أشهر ونصف، وبعدها تم إطلاق سراحه وبقي مطاردًا حتى تم اعتقاله مرة ثانية لمدة سنة. وبقيت هذه الحرب النفسية والاعتقالات إلى عام ١٩٩١ م، بعدها انتقل إلى الجمهورية الإسلامية ليواصل جهاده في العمل الإسلامي.

الشهيد القائد حاج قاسم سليماني و الشهيد القائد ابو مهدي المهندس
الشهيد القائد ابومهدي المهندس


تأسس المركز عام ٢٠٠٣ م بعد سقوط النظام الهدام بفترة وجيزة إيمانًا منا بأن الدور القتالي والجهادي مع النظام انتهى، لذلك تحولنا إلى العمل الإسلامي وإنماء الحركة الإسلامية والحفاظ على تراث وتاريخ الشهداء، وقمنا بتأهيل الشباب دون خط انتماء إذ يقدم خدمة للوطن والدين. وكان اسم المركز (المركز الإسلامي الثقافي)، ولكن بعد استشهاد القائد أبو مهدي المهندس بعشرة أيام غيرنا اسمه وفاءً لشهيدنا الذي كان داعمًا للمركز وأيضًا صديقنا في الجهاد.


كسبنا طاقات علمية كبيرة وأساتذة جامعيين كبارًا وشهادات متميزة من خلال معرفة الفكرة العقائدية الصحيحة للمركز. والحمد لله تمكن هؤلاء الأساتذة من تدريب الشباب وكسبهم للمعرفة، وكان همنا الوصول بالشباب إلى مستوى علمي وثقافي عالٍ وكيفية التعامل مع مجتمعنا. لأن النظام الصدامي كان يزرع التفرقة والحقد بين طبقات وطوائف المجتمع، ولأن منهجنا إسلامي، والمنهج الإسلامي لا يؤمن بالحدود انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾. ومن أهم ما ركزنا عليه من المفاهيم الخاطئة هو التكبر على المرأة والمرأة العراقية بشكل خاص.


أقسام المركز متعددة، هناك القسم الثقافي والإعلامي، وقسم الشهداء، وقسم التدريب والتطوير وتعليم الحاسوب الذي كان من أهم الأقسام في المركز. وكان تدريب الحاسوب متاحًا لكل العراقيين. وعندما احتاجت الحكومة العراقية أفرادًا يعملون على الحاسوب، رفدناهم بعدد كبير من الشباب في عدة دوائر منها الجنسية والمساءلة والعدالة ودائرة الجوازات. وأيضًا كانت لدينا تطوير الشباب بتدريب قادة، الآن لدينا الكثير من الشباب القادة الذين يعتمد عليهم في أمور كثيرة. ويوجد قسم التنظيمات وقسم الدعم اللوجستي، الذي استحدثناه في أيام القتال مع داعش لدعم مجاهدي الحشد الشعبي والعوائل النازحة، والآن نقدم خدمة من خلاله للمجتمع.


هنالك أشياء عملية وشواهد كثيرة، وبإمكانكم الذهاب إلى قسم اللجنة الثقافية ومسؤولة اللجنة هي امرأة تمتلك شهادة عليا دكتوراه، ومن يرسم لنا البرامج هي امرأة ومعاونات لها من النساء. كذلك مكتب الشهداء بالمركز الثقافي هي امرأة وأم لشهيد، ومسؤولة للمكتب النسوي، وهنالك امتدادات نسوية. ونجد أن العنصر النسوي مهم وعلى عاتقه إنشاء جيل محترم وواعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى